كيف اشتهرت المسيرات التركية بعد رحلة البحث عن رئيسي؟

إسراء قاسم- باحثة في الشأن التركي.

أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان سابق عن إرسال طائرتها المسيرة ذات خاصية الرؤية الليلية، وذلك للبحث عن الرئيس الإيراني الراحل ( إبراهيم رئيسي) بناءًا على طلب إيراني لأنقرة, وهي الطائرة المسيّرة الوحيدة التي شاركت في عمليات البحث الليلية والتى استمرت لأكثر من 4 ساعات، ورصدت  حطام المروحية وتم ابلاغ السلطات الايرانية وسرعان ما تم الإعلان عن مصرع (إبراهيم  رئيسي)  ووزير الخارجية، (حسين أمير) والوفد المرافق لهما.

وعليه، تتطرق هذه الرؤية إلى الطائرات المسيرة التركية (الآقنجي) والتي حققت نجاحًا كبيرًا فى عملية البحث عن المروحية الإيرانية التى كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، مما جعلت أنظار العالم تلتفت نحو قدرات هذه الطائرة وتطورها التكنولوجي العسكري، الذي وصلت إليه الصناعات الدفاعية التركية.

بداية التطور:

تحتل تركيا المرتبة السادسة عالميًا فى صناعة الطائرات العسكرية المسيرة (بدون طيار) بعد الولايات المتحدة، وإسرائيل، والصين، وباكستان، وإيران. فقد كانت البداية عندما اعتمدت تركيا على استيراد الطائرات المسيرة الإسرائيلية، وتعرضت لأزمة عندما تم منعها من شراء طائرات مسيرة أمريكية من طراز ريبر، ما جعل تركيا تنظر من منظور أخر وتعمل على تطور الإنتاج العسكري والدفاعي، واضطرت وقتها إلى إنتاج طائراتها الخاص( بيرقدار أقينجي )، هي طائرة قتالية بدون طيار لديها قدرة تحمل طويلة وتتحمل المرتفعات العالية طورتها شركة ( بيكار ). وبدأت المرحلة الأولى عام 2007 عن طريق تطوير نموذج “بيرقدار(TB2 ) وأولى رحلاتها عام 2009, وتم تطوير المرحلة الثانية والإنتاج فى 2011 وانطلقت فى عام 2012.

إمكانيات ( بيرقدار ):

من مواصفات طائرة (بيرقدار تي بي 2 (بدون طيار، قدرتها على التحليق في ارتفاعات متوسطة، وتمكنها القيام بعدة مهام، كالمهام الاستخباراتية، والاستطلاعية, وقد قامت طائرة ( بيرقدار تي بي  2) بأولى رحلاتها 29 أبريل لعام 2014، وتستخدمها حاليا القوات المسلحة التركية، ومن أهم مهامها، إجراء المراقبة والاستكشاف ليلا، وقدرتها على أداء قتال جو-جو، كما أنها مجهزة بأنظمة الدعم الإلكتروني والهجوم المضادة، بالإضافة إلى أنظمة اتصالات الأقمار الصناعية المزدوجة، ورادار تجنب الاصطدام، كما تشمل 3 طرازات، أقينجي أ، أقينجي ب، أقينجي ج، باختلاف محركاتها.

ويمتلك هذا النوع من الطائرات، قدرة كبيرة جدًا على التحمل والتحليق لساعات طويلة، حيث يمكنها التحليق على ارتفاع (20 ألفا إلى 27 ألف قدم) نحو 8 آلاف متر، هذا بالإضافة إلى أنها تحمل أنظمة دعم إلكتروني، وأنظمة اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية, ورادار تجنب الاصطدام.

مكانة إقليمية ودولية:

حسابات أنقرة بامتلاكها أسلحة عسكرية متطورة، والبحث عن مقعد فى ساحة النفوذ الدولي، جعلتها تطور الجانب العسكرى والدفاعى عن طريق طائرات بيرقدار( TB2) , والتى إكتسبت أهمية متزايدة في النزاعات الإقليمية والعالمية، وعلى رأسهم الحرب الروسية الأوكرانية, فباتت لها دور كبير جدا وهام, فبحسب تقارير عالمية استخدمت بيرقدار “TB2” في أكثر من 60 هجومًا أوكرانيا على الدبابات وغيرها.

جدير بالذكر، أن الولايات المتحدة الأمريكية، أبدت مخاوفها من برنامج الطائرات المسيرة التركية، بعد تأثيرها الواضح  في الأزمة التي وقعت بين أرمينيا وأذربيجان, ونزاع ناغورنو كاراباخ عام 2020.

ومن جانبها قامت تركيا بالسعى لأنتشار الطائرة المسيرة بدون طيار عن طريق خفض التكلفة وبيعها لعدة دول، لتتمكن نشر نفوذها الجيوسياسى, وهو ما ساعد أنقرة على تحسين صورتها الدولية والإقليمية في الفترة الأخيرة, وهو ما عزز أيضا موقعها في حلف شمال الأطلسي, ولأول مرة قامت تركيا فى مايو 2024 بتصيدر الطائرات المُسيّرة إلى بولندا، وهى دولة عضو في كلٍ من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي .

وكانت وكالة ( الأناضول ) التركية، أشارت إلى أن طائرات( بيرقدار تي بي 2) يستخدمها أكثر 13 دولة حول العالم، كالجيش التركي والمغربي والأذربيجاني، وبولندا وليتوانيا, بالإضافة إلى دول إفريقيا التي تستخدمها في محاربة الجماعات المسلحة, ووفقا لبيانات رسمية تركية، فقد وقَّعت شركة(بايكار) في عام 2022 عقود تصدير مع 27 دولة، منهم أوكرانيا وبولندا وأذربيجان والمغرب والكويت والإمارات وإثيوبيا، هذا بالإضافة إلى العديد من الدول.

لقد حققت تركيا المعادلة الصعبة، من حيث جودة التصنيع والتكلفة المنخفضة، ما جعلها الوجهة الأولى للدول التي تريد تعزيز قوتها الدفاعية, بل منافس قوى لنظيرتها ( الصين ) التى كانت تتميز ببسط نفوذها فى السوق الإفريقي, والتي كانت تهيمن على سوق الطائرات دون طيار منخفضة التكلفة مقارنة بغيرها.

مستقبلا تحرص تركيا، على تعزيز تواجدها فى ساحة الصناعات الدفاعية، من خلال الاستثمار في تطوير تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، إستكمالا لما بدأته شركة (بايكار) المسؤلة عن صناعة طائرات (بيرقدار تي بي 2). لقد أشارات أنقرة إلى أن ANKA-3 (نظام المركبة الجوية القتالية الوطنية غير المأهولة)، هو مشروع جيل جديد سيزيد من قدرة المركبات الجوية, التي تتميز بحمولتها العالية وقدراتها المتطورة.