كيف يتفاعل المجتمع الدولي مع أزمة اللاجئين؟

في العدد الرابع من "مساحات فكرية"

خلال الأشهر الثلاث الأخيرة من العام الميلادي 2023، عاد تسليط الضوء على تفاقم أزمة اللاجئين والنازحين حول العالم مرة أخرى، لا سيما مع العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة والذي تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة، وكذلك النزاع القائم في السودان والذي لا يقل دموية وسوءًا عن الوضع في فلسطين المحتلة، وما ستؤول إليه تداعيات كل منهما. وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين قد أعلنت في شهر مايو 2023، عن ارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين حول العالم إلى ما يزيد عن 110 مليون نسمة، وهذه الزيادة العددية حتى وقت الإعلان، جاءت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة السورية والنزاع في السودان، والأوضاع في أفغانستان. أما اليوم فنشهد أضخم أزمة لجوء ونزوح عرفها التاريخ، إذ تجاوزت أعداد اللاجئين والنازحين حول العالم رقمًا قياسيًا بلغ 114 مليون نسمة طبقًا للإحصائيات الصادرة مؤخرًا عن مكتب المفوضية في نهاية سبتمبر 2023، بمعنى أنه ارتفع عددهم في مدة لا تتجاوز خمسة أشهر تقريبًا بمقدار 4 ملايين نسمة. ولم يؤخذ بعين الاعتبار في هذه الإحصائية، الوضع القائم في قطاع غزة والمستجدات في السودان، منذ  أكتوبر وحتى نهاية العام 2023.

وبالتركيز على أزمة اللجوء، والتي تحدث بسبب الاحتلال والنزاعات والانتهاكات والاضطهاد أو حتى الكوارث الطبيعية والنظم البيئية والفقر، ما جعل الملايين حول العالم يفرون من منازلهم وأوطانهم بحثًا عن النجاة والأمن والغذاء والماء، لذا يمكن تعريف اللاجئ وفقًا لما سبق أنه الشخص الذي أُجبر على ترك وطنه هربًا من خطر وخوف مبرر من العنف والقتل والاضطهاد السياسي أو الديني أو العرقي، ما قد يمثل تهديدًا خطيرًا لحياته الشخصية وسلامته الجسدية والنفسية، أو بسبب الكوارث الطبيعية.

ويتمتع اللاجئ بحماية القانون الدولي ولا يمكن إعادته إلى بلده لأن حياته عرضة للخطر، كما أن اللجوء لدول الجوار يعد المقصد الأول في رحلة اللاجئين بشكل عام، فعلي سبيل المثال في الأزمة السورية وما نتج عنها من أعداد هائلة من اللاجئين لدول مجاورة والتي كانت قبلتهم الأولى كالأردن ولبنان والعراق وتركيا، أو دول أخرى، مثل مصر ودول الخليج وأوروبا وأمريكا وغيرهم. وتختلف المجتمعات المستقبلة للاجئين فيما بينها من حيث قبولها أو رفضها لهذه الظاهرة ما يترتب عليه تداعيات تؤثر بشكل كبير على أوضاع تلك المجتمعات وكذلك أوضاع اللاجئين.

وعليه، سنتطرق إلى توزيع اللاجئين حول العالم، وما هي الحماية التي يوفرها لهم القانون الدولي وهل بالفعل تلتزم بها تلك المجتمعات أم لا؟ وكيف تنظر إليهم المجتمعات المستقبلة؟

معاناة أم حياة أفضل؟

يطلق على حالات اللجوء لسنوات طويلة متتالية في إحدي الدول مصطلح “التشرد طويل الأجل”، نظرًا لأن بعض المجتمعات المستقبلة لهم عاجزة عن إدماجهم، إلى جانب تقاعسها أحيانًا عن اتخاذ أية تدابير لحمايتهم بشكل كاف، فمما لا خلاف عليه أن ترك الوطن ليس بالأمر الهين، لذا عادة ما يصاحب عمليات اللجوء والارتحال من بلد إلى آخر، الرغبة في حياة ومستقبل أفضل. ولكن جزءًا كبيرًا من التجربة الواقعية يؤكد أن هناك العديد من المخاطر وحالات الخوف التي يواجهها اللاجئ، لا سيما في الدول التي ترتفع فيها معدلات العنصرية والكراهية والتطرف بشكل يومي خاصة ضد العرب والمسلمين، إلى جانب الدول التي يرتفع بها معدل الجرائم، فيمكن لبعض الأشخاص أن يقعوا فريسة للإتجار بالبشر أو تجارة الأعضاء أو استغلالهم بأي شكل آخر، أو حتى على صعيد العمل يمكن استغلالهم نظرًا لشدة وطأة الاحتياج، هذا إلى جانب أن سلطات البلد المستقبِل يمكن أن تعتقلهم فور وصولهم إلى حدودها.
وكثيرًا ما تقترن حالات اللجوء بالموت، وأعداد الضحايا في هذا الصدد تمثل صفعة قوية على جبين العالم المتحضر الذي ينادي بحقوق الإنسان، فعلى سبيل المثال نال البحر الأبيض المتوسط في العقد الماضي وبداية العقد الحالي اهتمامًا إعلاميًا واسعًا، حيث وُصف بـ”مقبرة اللاجئين” نظرًا لغرق آلاف الأشخاص الفارين من أوطانهم عبره إلى بلدان أخرى.

ومن هنا تحظى حقوق المهاجرين واللاجئين وحتى طالبي اللجوء بالحماية من قبل القانون الدولي، بصرف النظر عن طريقة وصولهم إلى بلد ما، ولهم كذلك الحقوق نفسها التي للآخرين، بجانب أشكال محددة من تدابير الحماية الخاصة بهم، التي نصت عليها المادة الرابعة عشر من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” في أنه “لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصًا من الاضطهاد”، فضلًا عن “اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين” الموقعة عام 1951، والبروتوكول الملحق بها لعام 1967، واللذان يوفرا الحماية للاجئين من أن “يُعادوا إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر الاضطهاد”، وكذلك المعايير القانونية الإقليمية الخاصة باللاجئين، بما فيها اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969، وإعلان كارتاخينا لعام 1984، والنظام الأوروبي العام للجوء”نظام دِبلن”.

ولضمان التنفيذ نجد دور كل من:

(*) القانون الدولي للاجئين”: حيث تؤكد المعاهدات والمواثيق الدولية على “القانون الدولي للاجئين” والذي يحدد المعايير اللازمة لحمايتهم وضمان حقوقهم والتي يجب على الحكومات المستقبِلة الالتزام بها، في أي زمان ومكان، وتشتمل هذه الحقوق على:

-حصول جميع الأشخاص على حق اللجوء دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ.

-ضمان حرية ممارسة شعائرهم الدينية وحرية توفير التربية الدينية لأولادهم.

-تأمين كافة الحقوق الإنسانية مثل (السكن والعلاج والتعليم).

-عدم تعرضهم للتعذيب أو للتمييز، أو تركهم فريسة للفقر المدقع وحمايتهم من الاستغلال والانتهاكات.

-لا يمكن إعادة اللاجئين إلى أوطانهم إذا كانت حياتهم وحريتهم عرضة للخطر.

(*) منظمة العفو الدولية: وهي من كبرى الجهات المعنية بحقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، والتي تناضل من أجل عالم يستطيع كل شخص فيه أن يتمتع بحقوق الإنسان، بغض النظر عن الأوضاع المحيطة به، وقد رفعت المنظمة راية الحقوق الإنسانية للملايين من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين وتنظم الحملات المناصرة لهم كي تضمن احترام الحكومات والمجتمعات المستقبلة لهم لمسئولياتها المشتركة في حماية حقوقهم ودمجهم داخل تلك المجتمعات، كما تدين أية سياسات وممارسات تقوَض حقوق من رحلوا عن بلدانهم (قسرًا).

توزيع اللاجئين

يمثل اللاجئون بسبب الصراعات المسلحة والاضطرابات العرقية والسياسية نسبة كبيرة من إجمالي اللاجئين حول العالم، والتي بلغت تقريبًا 54 مليون لاجئ في 2023. وبالنظر إلى توزيع اللاجئين وطالبي اللجوء، نجد أن أكثر من 85% من الأعداد توجد في بلدان الشرق الأوسط والدول النامية، وأن أقل من 15% من اللاجئين وطالبي اللجوء يوجدون في الغرب. وينحدر نحو 72% من اللاجئين حول العالم، حسب بيانات مفوضية شئون اللاجئين، الصادرة في عام 2022، من الدول التالية: (سوريا، فلسطين، فنزويلا، جنوب السودان، أفغانستان، أوكرانيا)  وأغلب اللاجئين حول العالم من السوريين الذين تعاني بلادهم من العنف المستمر منذ عام 2011، ثم تأتي فنزويلا التي تعاني منذ سنوات بسبب أزمات اقتصادية وسياسية وإنسانية منذ عام 2019.

وطبقًا لتقارير الأمم المتحدة في نهاية عام 2023، فمن المتوقع أن يحدث تفاقمًا للأزمة بشكل كبير فـي ظل استمرار الأوضاع الحالية فـي سوريا، وأوكرانيا وفنزويلا والسودان واليمن، وأفغانستان، وليبيا والتهجير القسري الواضح الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد المواطنين الفلسطينيين، والصراعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار، والجفاف والمجاعات والفيضانات وانعدام الأمن في الصومال.

أما أكبر خمسة دول مستقبلة للاجئين (المسجلين) لدى الأمم المتحدة، هي (تركيا، كولومبيا، ألمانيا، باكستان، أوغندا). ووجود دولتي باكستان وأوغندا في هذه الإحصائية المسجلة لدى الأمم المتحدة، دليل واضح بأن الانطباع السائد لدى الغرب، بأن كل اللاجئين من دول إفريقيا وآسيا يفرون إلى أوروبا، غير صحيح. وبحسب بيانات المفوضية، فإن اللجوء المحلي أو المناطقي هو السائد، حيث أن 80% من اللاجئين الأفارقة يبقون داخل دول القارة السمراء، وكذلك اللاجئين من القارة الآسيوية يفرون للدول المجاورة.

وهذه الأرقام تدفعنا للتساؤل بشأن من يتحمل التكلفة الأكبر في استيعاب اللاجئين، وهل هناك آليات لتقاسم الأعباء؟

*) عبء الجوار: لطالما جذبت الدول الكبري – لا سيما أمريكا ودول أوروبا- الأنظار إليها على أنها أكبر مستقبل للاجئين في العالم وخاصة أولئك ممن أتوا من الشرق الأوسط، وسط حالة من التأفف والامتعاض من وجودهم وتحمل عبء معيشتهم، إلا أن المفوضية العليا لشئون اللاجئين أشارت إلى يتواجدون بكثافة للاجئين القادمين من الشرق الأوسط تحديدًا، في الدول التي تقع في محيطهم ومعظم هذه الدول تعاني من وضع اقتصادي سئ، إلا أنها تتحمل العبء الأكبر من خلال استيعاب العدد الأكبر من اللاجئين، إذ يعيش ما يقرب من 84% منهم في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وهذا ما دفع مكتب المفوضية إلى دعوة الدول ذات الدخول المرتفعة لاستقبال المزيد منهم، من خلال التأكيد على مبدأ تقاسم المسئولية بين الدول.

*) إعادة التوطين: هي عملية نقل اللاجئين من دولة اللجوء إلى بلد آخر يوافق على السماح لهم بالدخول ويمنحهم حق الإقامة الدائمة، وقد نبهت مفوضية شئون اللاجئين في يونيو 2023 في تقرير لها “أنه مع تفاقم أزمة اللجوء ووقوع حالات لجوء ونزوح جديدة، فإن هناك حاجة لاتخاذ إجراء عاجل للتعامل مع التحديات التي يواجهها ملايين اللاجئين والنازحين حول العالم”، ووفقًا لذلك التقرير حول الاحتياجات المتوقعة لإعادة التوطين في عام 2024، فإن “أكثر من 2,4 مليون لاجئ سيحتاجون لإعادة التوطين في هذا العام الجديد وهو ما يشكل ارتفاعًا بمقدار 20% عن عام 2023”. كما أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فيليبو جراندي، قائلًا “نرى زيادة مقلقة في أعداد اللاجئين الذين يحتاجون إلى إعادة التوطين في عام 2024” مضيفًا أنه “تظل إعادة التوطين شريان حياة مهمًا لأولئك الذين هم أكثر عرضة للخطر ولهم احتياجات خاصة”، مؤكدًا أنه “طلب من كل الدول التي تملك الأدوات بأن تصعد من جهودها وتقدم التزامات لإعادة التوطين المستدامة”. وبحسب التقرير فمن المتوقع أن يكون “اللاجئون من سوريا في الترتيب الأول لإعادة التوطين، يأتي بعدهم اللاجئون من أفغانستان وجنوب السودان وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية”.

المجتمعات المستقبلة للاجئين (ما بين الكراهية والقبول)

نحن أمام موجات كبيرة من اللجوء لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، ومع ازدياد الأعداد أصبحنا نرى لاجئين يعيشون في حاويات البضائع، وعلى الحدود بين البلدان في الخيام يأكلهم الصقيع، وأصبحنا نرى أطفالًا ينفصلون عن آبائهم وأمهاتهم بفعل قوانين المجتمع المضيف، وصارت العبارات العدائية والمحفزة للعنصرية والتطرف خاصة بسبب العرق، يتم التفوه بها دون رقيب أو حسيب. ولنا في الدول الأوروبية مثالًا واضحًا على ذلك، مثل السويد وألمانيا وغيرهم ومثل تركيا وجميهم ارتفعت بهم معدلات العنصرية والتطرف والجريمة ضد اللاجئين.

ومع تفاقم الأزمة بوتيرة متسارعة، يشعر العديد من الأشخاص في المجتمعات المستقبلة بأن ثمة طوفانًا يجتاح بلادهم، ويؤثر على أوضاعهم ومستقبلهم ومواردهم، فهم يرون أنها أزمة عالمية لا يمكن التعايش معها ولا يستطيعون إخفاء كراهيتهم للاجئين، وهنالك مجتمعات أخرى تحاول التعايش معها والاستفادة منها كالتالي:

(&) أوروبا والتشدد ضد اللجوء: بفعل الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، فقد ساد انطباعًا في العديد من الشعوب الأوروبية بأن حكوماتهم فقدت السيطرة على مسألة اللجوء والهجرة، حيث أن تلك الأحزاب نجحت في إذاعة فكرة الربط بين ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدل الجرائم واستنزاف الموارد وغيرها من العلل الاجتماعية، وبين زيادة عدد اللاجئين وطلبات اللجوء للدول الأوروبية.

كما تحتل أوروبا الصدارة عالميًا، فيما يتعلق بتحصين الحدود، فبحسب ورقة نشرها البرلمان الأوروبي في 2022، تم بناء وتعزيز 19 سياجًا حدوديًا داخل الاتحاد الأوروبي ومنطقة “شنجن”، بطول يبلغ 2048 كيلومترًا، في حين أنها حتى عام 2014 لم تتجاوز 315 كيلومترًا. وأطول سياج حدودي في أوروبا بنته ليتوانيا على حدودها مع بيلاروسيا بطول 700 كيلومترًا، وذلك بعد تدفق المهاجرين غير النظاميين عام 2021 عبر حدودها مع بيلاروسيا. ومن يحاول الآن العبور من بيلاروسيا إلى ليتوانيا عليه اجتياز سياج من الأسلاك الشائكة بارتفاع 4 أمتار وكاميرات مراقبة، وتنتقد العديد من المنظمات الإنسانية مثل “أطباء بلا حدود”، ليتوانيا وبعض دول أوروبا بسبب تشددها تجاه المهاجرين.

(&) تركيا: لقد تعرض اللاجئين في تركيا لشتي أنواع الكراهية والتطرف، وتواصل السلطات التركية ترحيلهم خاصة السوريين بعد حملة ترحيل مكثفة نظمتها وزارة الداخلية التركية بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية، وتولي علي يارلي كايا منصب وزير الداخلية، والذي أعلن أن “الحملة ضد الهجرة غير الشرعية مستمرة وبكل حزم، وتستهدف كل من يتواجد بشكل غير قانوني على الأراضي التركية”. وصرح المسئول السابق في وزارة العدل التركية، أومور يوجيل إن “أولوية الحكومة التركية الآن هي تقليل عدد اللاجئين”.

(&) مصر: تستقبل ما يزيد عن 9 مليون لاجئ من 133 دولة وهذا العدد هو المسجل فقط لدى المنظمة الدولية للهجرة، وواقعيًا فهو يفوق ذلك. فمصر هي الدولة الوحيدة التي لم تسكنهم المخيمات ولم تساوم مع المجتمع الدولي عليهم نتيجة لاستقبالها لهم، مقابل منفعة مادية أو اقتصادية أو غيرها، وإنما فتحت أبواب السكن والصحة والتعليم والعمل لهم، خاصة القادمين من سوريا والسودان، ولقد سجلت مصر أعلى معدلات التحاق للأطفال من اللاجئين السوريين بالمدارس المصرية، وهذه التجربة أثنى عليها المفوض السامي لشئون اللاجئين في زيارة إلى القاهرة عام 2019. كما أن أكثر من ثلثي اللاجئين والمهاجرين يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة، ما يشير إلى أنهم يساهمون على نحو إيجابي في سوق العمل المصري، ويعتبر السوريون تحديدًا الذين يشكلون 17% من المهاجرين أكثر المساهمين في سوق العمل والاقتصاد المصري من الأجانب، ويقدر حجم الأموال المستثمرة من قبل المستثمرين السوريين، بحوالي مليار دولار، والمشروعات التي يننفذها السوريون طبقا للخبراء، توفر فرص عمل أمام المصريين والجنسيات الأخرى.

(&) الأردن: تفاقمت أزمة اللاجئين بشكل كبير في المملكة، ما أثر على كافة الأصعدة الحياتية والاقتصادية والموارد المائية، وفي تصريح للعاهل الأردني أمام منتدى اللاجئين في جنيف، في 13 ديسمبر 2023، حين أكد أن “العالم يتجاهل الأردن الذي تحمل أكثر من 80% من تكاليف توفير الملجأ والتعليم والخدمات الصحية وفرص العمل والموارد، من موازنته الخاصة بعد أن أدار المجتمع الدولي ظهره لفئة مهمشة وضعيفة”، كما إن الأردنيين باتوا يشعرون بتجاهل العالم لهذه القضية التي باتت تؤثر سلبًا على اقتصادهم. لكن على الرغم من النقص في المساعدات العالمية، إلا أن المملكة الأردنية لا تزال مستمرة في أداء دورها الإنساني في توفير الخدمات اللازمة للاجئين حسب إمكاناتها.

العدوان على غزة وتفاقم الأزمة

مع استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وتدميره بالكامل، باتت فكرة تهجير الفلسطينيين من وطنهم مخططًا إسرائيليًا واضحًا، ففي الأردن، ظهرت مخاوف من موجات لجوء جديدة على غرار النكبة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع وكذلك الارهاب الإسرائيلي في الضفة الغربية، واعتبر العاهل الأردني أن أي عملية لجوء جديدة إلى الأردن “إعلان حرب”، وأن “عملية التهجير القسري للفلسطينيين إلى الأردن هي خرق لمعاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل”.

وفي مصر، أعرب مسئولون عن مخاوفهم من أن تدفع الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع مزيدًا من اللاجئين إلى مصر، خاصة في ظل مطاردة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين ودفعهم إلى النزوح جنوبًا صوب الحدود المصرية. وهو ما رفضته القاهرة، كون ذلك يعني تقويضًا للقضية الفلسطينية، إلى جانب التحذير من المساس بالأراضي المصرية وقطع الطريق أمام طموح الكيان المحتل.

ختامًا؛ لا شك أن الصراعات والنزاعات المسلحة، بالإضافة إلى الكوارث البيئية والمناخية التي يشهدها العالم، كانت ولا تزال هي المحرك الرئيسي لحالات والنزوح وأزمة اللاجئين المتواصلة. ومن المتوقع للأسف الشديد أن تستمر ظاهرة التهجير القسري والنزوح وتداعياتها السلبية على اللاجئين والنازحين وكذلك على البلدان المرسلة والمستقبلة، ما لم يقف العالم وقفة جادة لمعالجة الأسباب الجذرية والدوافع التي أدت إلى تفاقم الأزمة خلال السنوات الماضية.

ففيما يتعلق بالصراعات والنزاعات المسلحة، لا بد للمجتمع الدولي من التعامل بشكل صارم مع محركاتها، والعمل على حلحلتها، وتفكيك العوامل التي تدعم تجدد الصراعات، وكذلك منع ظهور بؤر صراع جديدة حول العالم، ففي ظل الأحداث الجارية في غزة والسودان وغيرهم، قد تبدو آفاق السلام بعيدة المنال، ولابد من الضغط من أجل إيجاد حلول للاجئين والمهجرين.

للاطلاع على العدد كاملاً يمكن فتح الرابط التالي: مساحات فكرية العدد الرابع- مارس 2024

سارة أمين

سارة أمين- باحث في شئون الشرق الأوسط، الباحثة حاصلة علي ماجستير في العلوم السياسية، شعبة العلاقات الدولية، متخصصة في دراسة شئون الشرق الأوسط والخليج العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى