العقيدة أم البراغماتية.. من يتحكم في حسابات إيران تجاه حرب غزة؟
لطالما صدرت إيران صورة نمطية عنها فيما يتعلق بإستراتيجيتها في التعامل مع الكيان الصهيوني، سيما بعد الثورة الإسلامية الإيرانية 1979، وتوتر العلاقات بين الجانبين، حيث باتت السياسة الخارجية الإيرانية تتبني العداء المعلن لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أن إيران ما بعد الثورة تدعي دائما أنها متمسكة بأيديولوجية واضحة في علاقتها مع هذين الجانبين ضمن إطار توجهات عقائدية متشددة، إلا أنها في حدود معينة وبأساليب مختلفة كانت تراعي استخدام الرؤية البراغماتية النفعية في التعامل معهما في ظل المتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط بما يضمن لها دورا إقليميا مؤثرا في أية مستجدات قائمة أو قادمة وكذلك يضمن لها حفظ مصالحها الخاصة. وبالنظر إلى الأحداث الراهنة في منطقة الشرق الأوسط من عدوان إسرائيلي غاشم علي قطاع غزة دون توقف، وتواطئ لأنظمة عدة دوليا وإقليميا لصالح الاحتلال الصهيوني، هذه الأحداث أظهرت أيضا حقيقة الأنظمة المدعية دعمها للقضية الفلسطينية وحركات التحرر وفي مقدمتها النظام الإيراني، والذي تبين أن تصريحاته وتهديداته ما هي إلا شعارات رنانة فقط لتحقيق منافع داخلية وخارجية، عكس ما يتم تداوله داخل أروقة النظام منذ الثورة الإسلامية وحتى الآن من توجهات ومواقف باعتماده سياسة عقائدية صارمة ضمن أُطر معينة تجاه عداء الكيان الصهيوني ودعم القضية الفلسطينية.
وعليه، يتبادر إلي الذهن تساؤلات عدة، منها هل حقا إيران تعادي إسرائيل وأمريكا تماما طبقا للعقيدة الخمينية؟ وبما أن طهران تتدعي أنها الأجدر إقليميا بالدفاع عن القضية الفلسطينية فلماذا لم تتدخل في العدوان الحالي لدعم محور المقاومة بشكل كاف؟، وهل تتنصل إيران من أيديولوجيتها في هذه المرحلة وتتعامل ببراغماتية تناسب مصالحها فقط، وما مبررات هذه المصالح؟. ولكي نجيب علي هذه التساؤلات في إطار تحليلي، لابد أن نشير أولا إلي استراتيجية إيران في مع التعامل الكيان الصهيوني بشكل عام كيف كانت وإلي أين وصلت، وكيفية تعاطي النظام الإيراني مع القضية الفلسطينية وكذلك حسابات العقيدة والمصلحة وأيهما يرجح كفة ميزانه في السياسة الإيرانية؟
سياسة مترنحة:
عمل النظام الإيراني منذ تأسيسه بعد الثورة الإسلامية عام 1979 على إبراز ديمقراطيته من جهة، وإثارة الجدل في شأن تأثير الأيديولوجيا المتشددة في قراراته وسياساته من جهة أخري، خاصة وأن صانع القرار الإيراني بعد الثورة الإسلامية يتمثل في كل من، المرشد الأعلى بصفته الشخصية والذي يتمتع بالسلطة السياسية والدينية معا، والحرس الثوري. وطبقا للخبراء في الشأن الإيراني فإن الأدبيات المهتمة بهذا الشأن تدور حول فكرة (الأيديولوجية بالتزامن مع البراغماتية) حيث تترنح السياسة الإيرانية بين هاتين الآليتين بعد الثورة الإسلامية، وتٌثار تلك الجدلية نظرا إلى قيام النظام الإيراني بكفاءة على توظيفهما بالتزامن معا، حيث أنه على الرغم من كون المرشد الأعلى لديه نظام من المستشارين والمجالس والأفراد الذين يساعدون في صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، ولديه السلطة المطلقة سياسيا ودينيا، كما أن خطابه دائما ما يعظم الاسترشاد في المقام الأول بالاعتبارات الأيديولوجية العقائدية، إلا أنه في الوقت ذاته يسمح لخطابات رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية أن يكون لها التأثير في التصورات الخارجية والمحلية تجاه سياسة إيران الداخلية والخارجية.
كما يعمل النظام الإيراني أيضا في كل ملف بسياسة مستقلة بحسب المصلحة أو الهدف المراد وبحسب الطرف الآخر من معادلة العلاقات الدولية، فأحيانا يجمع ما بين الآليتين العقائدية والبراغماتية وأحيانا يكتفي بالعقائدية فقط أو يتجاوزها ويلجأ إلي البراغماتية فقط، فعلي سبيل المثال في عام 2018 تجاوزت طهران الآلية الدينية الإسلامية والمذهبية الجعفرية إلى التعاون مع مجموعات الطوائف المسيحية فى محافظة نينوى المحررة من قبضة تنظيم داعش بعد أن فرض سيطرته عليها لمدة 3 أعوام. وقد تمكن فيلق القدس، الذراع العسكري للحرس الثوري، من تجنيد المسيحيين في تلك المناطق للعمل لحساب مصالح إيران في ذلك البلد.
وفي الحديث عن العقيدة الخمينية التي دعت إلي فكرة تصدير الثورة الإسلامية، وهذا ما تتخذه إيران كذريعة بدون أدني وجه حق للتدخل في شئون الدول الأخرى، وعلى الرغم من أن صياغة الدستور الإيراني تدعي عدم التدخل، إلا أنه لطالما تدخلت في الشئون الداخلية لدول عدة في كثير من الحالات، مثل لبنان واليمن والعراق وفلسطين وسوريا وأفغانستان، من أجل زيادة نفوذ إيران الإقليمي، ونشر مشروعها التوسعي في المنطقة، ولطالما اتخذت إيران من عداء الكيان الصهيوني ودعم القضية الفلسطينية شعارا قويا أيضا لها لتبرير كيفية وآلية التدخل في دول المنطقة. كما نجد أن سياسة طهران تجاه تل أبيب ليست بالعداء المعلن طوال الوقت كما هو علي الساحات وإن كان هنالك أبعادا أيديولوجية تحكم تلك السياسة أحيانا إلا أن البراغماتية تسيطر في أحيان أخري كثيرة. فالنظام الإيراني يتقن التحرك على هامش القضايا وليس داخل متنها، وبخاصة القضية الفلسطينية.
موقع إسرائيل من العقيدة الإيرانية:
بداية اتسمت العلاقات بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي بالترابط في الحقبة البهلوية، وكانت إيران ثاني الدول الإسلامية اعترافا بإقامة هذا الكيان المزعوم بعد تركيا، وصوتت لقبولها بالأمم المتحدة عام 1949، وأبرمت معها عدة اتفاقيات اقتصادية وعسكرية. ولكن بعد قيام الثورة الإسلامية 1979 في إيران والتي رفعت شعار الموت لإسرائيل ومجئ الخميني للسلطة، تم قطع العلاقات الدبلوماسية مع ذلك الكيان واتخاذ موقف العداء منه ومن الولايات المتحدة الأمريكية، وتبارى المتظاهرون في إيران في حرق أعلام الكيان الصهيوني، وتبني النظام الإيراني شعار تحرير القدس، وأنشأ فيلقا مسلحا، أطلق عليه (فيلق القدس) وهو الذراع العسكري للحرس الثوري الإيراني والأكثر نفوذا وتسليحا عن بقية الأذرع.
وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية كان هنالك مؤشر يلوح في الأفق بعودة العلاقات بقوة بين طهران وتل أبيب، حيث ظهر توافق إيراني صهيوني حول تدمير نظام صدام حسين، خاصة بعد سعيه لامتلاك قدرات نووية، ورأت تل أبيب أن ذلك هدفا مشتركا يجمعها مع طهران، وعلمت بحاجة الجيش الإيراني للأسلحة والمعدات والتكنولوجيا الحربية الحديثة، وهذه كانت أولى مراحل عودة الاتصال والتعاون بين بينهما مرة أخري عبر فتح مخزون الصناعات العسكرية وقوات الدفاع الإسرائيلية أمام إيران، وتم إرسال صفقة تسليح قوية لها تضمنت مدافع مضادة للدبابات وقذائف وقطع غيار للطائرات والدبابات وقذائف الهاون، وذلك مقابل تصدير النفط الإيراني لإسرائيل، ووفقا لمعهد جافي للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب، فقد قدر حجم التبادل العسكري بين تل أبيب وطهران ب 500 مليون دولار للفترة من 1981 إلي 1983، وذلك بموافقة مباشرة من مناحيم بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي حينئذ. وفي تلك الفترة الزمنية أيضا، قدم الكيان الصهيوني دعما عسكريا مطلقا ضد العراق من خلال تدمير مفاعل أوزيراك النووي بالقرب من العاصمة بغداد، والذي استهدفه الإيرانيون أنفسهم سابقا. ومن هنا يمكن القول أنه عادت المنفعة لتزاحم العقيدة الإيرانية المتشددة في التعامل مع ذلك الكيان مرة أخري.
تغليب البراغماتية:
يعد الموقف الإيراني من التعامل مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، نموذجا صارخا للبراغماتية النفعية الإيرانية، وتغليب واضح لحسابات المصلحة علي العقيدة، لأن هنالك قواسم مشتركة وأهداف متنوعة بين كل من طهران وواشنطن وتل أبيب تجاه إقليم الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة، وهذا ما ظهر جليا بعد إسقاط حكومة طالبان في أفغانستان في 2001، والاحتلال الأمريكي المروع للعراق في 2003 وإسقاط نظام صدام حسين، وتغيير موازين القوى المؤثرة في المنطقة العربية تحديدا بعد الربيع العربي في 2011، وانعكاس الأوضاع الميدانية بحيث لم يبقى هناك عدو مشترك لكل من طهران وواشنطن وتل أبيب. ويُذكر أيضا أنه من القواسم المشتركة والتفاهمات الهامة بين الأطراف الثلاث والتي تحدث عنها الدكتور نبيل خليفة، أستاذ الجيوبولتيك في جامعة السوربون الفرنسية، في كتابه (استهداف أهل السُنة) هي “إن المخطط الموضوع للشرق الأوسط منذ الربع الأخير من القرن العشرين ويشارك فيه الغرب وإسرائيل وإيران له أهداف أساسية أهمها إزاحة النفوذ العربي السُني عن دول شرقي المتوسط واستبداله بالنفوذ الإيراني الشيعي”. ولكن يجب ملاحظة أن ذلك المخطط لكي يحدث، لابد أن يُخدَم علي مصالح واشنطن وتل أبيب أولا. ولا يمكن إنكار أن هنالك مصالح متنافرة علي الناحية الأخري بين أمريكا وإسرائيل من جهة وبين إيران من جهة أخري. ما يدفع إلي الصراع بالوكالة عن طريق المناوشات والإضرار ببعض المصالح من حين لآخر لأي جهة منهما دون التورط في مواجهات مباشرة.
لعل ذلك ما ساعد المشروع الإيراني علي التمدد والتوسع عبر تشكيل الأذرع والمليشيات المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس في المنطقة والتي تمكنت عبرها طهران من التأثير على القرار السياسي في عدة عواصم عربية ذات ثقل جيوسياسي واستراتيجي، كبيروت وبغداد ودمشق وصنعاء، وكذلك تطوير منظومة الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة بالإضافة إلي التقدم الهائل في الملف النووي الإيراني، ومن المرجح أن هذا ما أثار حفيظة إسرائيل في السنوات القليلة الماضية وبدأت تشعر بنتائج السياسة الإيرانية وتوظيفها لصالح أهداف مشروعها التوسعي الذي بات يزاحم المشروع الصهيوني الطامح بقيام إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات طبقا لمزاعم وإدعاءات الصهيونية.
من هنا وللوهلة الأولي يُنظر إلي العلاقات بين إيران وإسرائيل وأمريكا علي أنها قائمة علي الصراع فقط والذي قد يُحتدم في وقت لاحق طبقا لمجريات الأحداث. ولكن العدوان الإسرائيلي الحالي علي غزة وما تفعله إسرائيل من توجيه ضربات للجنوب اللبناني ومحور المقاومة في العراق وسوريا وما يقوم به الغرب بشكل عام للتصدي للحوثي في البحر الأحمر، كل تلك الملفات أثبتت حتي الآن أنه لن تُورط إيران نفسها في مواجهة مباشرة أيا ما تكن النتائج سيما وأن الخسائر التي قد تلحق بها حال تورطها ستكون فادحة، وفي الوقت ذاته هي تحاول الظهور بمظهر القائد الإقليمي المحوري الذي يتبني الدفاع عن قضية عقائدية إقليمية تمس العالم الإسلامي، وكذلك حفظ دورها مستقبلا في هذه القضية بعد إعادة الترتيبات الإقليمية.
المبررات والمكاسب:
إن التمسك بمشروع التوسع والهيمنة في منطقة الشرق الأوسط وكذلك سياسة إثبات الحضور هما الهدف الأول للنظام الإيراني، لذا فهو يسعى إلى تحييد نفسه عن المواجهات المباشرة من جهة ويلجأ إلي الأذرع والفصائل التابعة له في الإقليم من جهة أخري والتي تعد الأداة الأهم لتحقيق أغراضه في السيطرة واعتباره فاعل إقليمي مؤثر وقوي وبخاصة حزب الله علي وهو الملقب ب (دُرة تاج إيران) في معادلاتها الإقليمية وهو الذراع الأقوى والأثمن والذي لا يمكن المغامرة به في مواجهة العدوان علي غزة، إلي جانب التوسع في علاقته مع العواصم العربية لاسيما بعد المصالحة السعودية الإيرانية التي تمت برعاية الصين في مارس 2023. و بالمثل هذا ما فعله في توظيف العدوان الإسرائيلي علي غزة لخدمة الرؤية الإيرانية، محاولا طرح نفسه مناصرا للقضية الفلسطينية وحق شعبها في إقامة دولته المستقلة من خلال دعم حل الدولتين، خاصة بعد الدعم العالمي الكبير لحق الفلسطينيين، وكل ذلك يصب في مصلحة المنظور البراغماتي والاعتدال السياسي الذي تنتهجه إيران الآن.
والمراقب للمشهد الحالي بوضوح سيجد في حالة القفز الإيراني ما بين البراغماتية والأيديولوجية وتغليب البراغماتية معظم الوقت خاصة في الديباجات المستخدمة لتبرير عدم انخراط طهران وأذرعها المسلحة بشكل مباشر من جهة، وكذلك الشعارات والتهديد الصارخ من جهة أخرى، مكاسب واضحة علي الأقل في المدى القريب لصالح طهران، لاسيما وأن النظام الإيراني في الوقت الحالي يسعي للحفاظ علي مكاسبه الإقليمية والدولية، كالتواجد والنفوذ والهيمنة على مقدرات الأوضاع الميدانية في بعض العواصم العربية الهامة والتي يعتبرها جزءا رئيسيا في الدفاع عن أمنه القومي ومجاله الحيوي، كذلك الانتعاش الاقتصادي للنظام الإيراني في ظل رفع الحظر الدولي عن أصوله في ظل أوضاع اقتصادية داخلية متردية واحتجاجات شعبية واسعة ضده، لذا يرى أن خوضه لمعركة سياسية وعسكرية غير مضمونة العواقب ستسبب له خروجا عن دائرة التأثير الإقليمي. وهذا ما ثبت صحته في القتال الحالي بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، فقد كتبت صحيفة كيهان الإيرانية التابعة للمرشد الأعلى مباشرة تقول “إن الثورة الإيرانية هي ثورة لتوعية وحث الشعوب على التحرر، ومساعدة المظلومين للمطالبة بحقوقهم، ومساندة حركات المقاومة في كفاحهم، ولكنها لن تقاتل نيابة عن هؤلاء”، ما يعني ذلك إعلانا واضحا بالتنصل عن دعم المقاومة الفلسطينية في مواجهتها الحالية مع الكيان الصهيوني.
مسار متوقع (اللاحرب اللاسلم):
من يستقرئ المشهد الحالي وحالة اللامواجهة بين جبهة إيران وبين جبهة أمريكا وإسرائيل معا، يدرك جيدا أن هذا المشهد ليس بجديد، فالطالما كانت كل من طهران وواشنطن تحديدا، قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حالة حرب مباشرة ، ثم ما يلبث أن ينتهي الأمر بينهما بضربات مضادة، وتعقبها هدنة مؤقتة سرعان ما تخرقها هجمات أخرى وهكذا، إما للتغطية علي أمر ما، وإما لإثبات الوجود والنفوذ وكثيرا ما يحدث ذلك بتوافق مشترك بينهما طبقا لحسابات المنفعة. وعلي الرغم من امتداد نفوذ إيران كما ذكرنا سلفا في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن عبر الأذرع المسلحة، إلا أنها رغم ذلك لم تنهك أذرعها في الحرب الأخيرة علي الوجه المطلوب أو الذي يضاهي ما تعلنه من شعارات لنصرة المقاومة والقضية الفلسطينية، ولعل السبب عدم الرغبة في توسيع دائرة الحرب بناء على توافق غير معلن مع أمريكا، والبقاء على حالة اللامواجهة مباشرة، واقتصارها على ضربات لحفظ ماء الوجه الإيراني ولإسكات الرأي العام الداخلي، ولا تحقق أي اختلال في معادلة اللاحرب واللاسلم. وعلي الناحية الأخرى بات واضحا أن واشنطن ترفض أية مواجهة حقيقية مع طهران، وهي ليست جادة أيضا في سياسة الردع المتمثلة في الغارات الأمريكية في سوريا والعراق وفي اليمن، بل هي أقرب لسياسة حفظ ماء الوجه فقط، كما تسعي إدارة بايدن من خلالها لكسب الوقت وتوظيف الأحداث في الانتخابات المقبلة. لذا فحدود المصلحة علي الجانبين هي التي تدير اللعبة.
وختاما، يمكن القول إن استراتيجية إيران الحالية وإن كانت ذات مسار مزدوج إلا أنها تُرجح الجانب البراغماتي النفعي بشكل ملحوظ علي المستوي الخارجي وقد نجحت فى ذلك لعقود، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن العدوان الحالي علي غزة يمثل تحديا صعبا لحدود تلك البراغماتية والتي يمكن أن تأخذ مسارا مختلفا لاحقا في ظل تصعيد الأوضاع أو تغير مجريات الأحداث بشكل غير مسبوق.