د. أبوالفضل الإسناوي.. يكتب عن: حب “الشرفاء” لمصر وكراهيته للإخوان
تقرأ كلماته، تبحث في أرشيفه، تحلل كتاباته، تتصفح كتبه، تنظر إلي خواطره على تويتر، بل في كل وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها- تجد خطًا واضحًا، ومسارًا واحدًا في حبه لمصر.
أكثر من ٤٠ مقالًا وعشرات من الافتتاحيات التي كتبها لمجلات مصرية أو عربية، جاءت سطورها معبرة عن حالة عشق لمصر وترابها، وشعبها وموقعها الجغرافي، حتى وصفها في أكثر من موضع بـ “قلب العروبة النابض”.
لم يكن المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، كغيره من الكُتاب والمفكرين العرب يحبها مرة ويكرهها في الثانية، بل استمر حبه لمصر طول الوقت، في قوتها وفي كبوتها، حريصًا على دعمها بشتى الطرق، متحديًا على عودتها، بل وإعادة تموقعها بين قوى العالم المؤثرة.
لم ترتبط كتابات الشرفاء ذات البعد الإيجابي عن مصر، بمصلحة أو بحسابات خاصة، بل كتب عنها من منطلق عشق وحب الابن للأم، وخوف الإنسان علي نفسه وأولاده. عندما تتصفح أوراقه التي كتبها عن المحروسة، تجده حريصًا كل الحرص في تدقيقه لمعاني الجمل التي يستخدمها.
منذ عام ٢٠١٢- أي منذ صعود جماعة الإخوان الإرهابية للسلطة، تضاعفت كتابات الشرفاء عن أرض الكنانة، يُنبه ويُحذر من خطورة هذا التنظيم الغاشم، لقد كشف ألاعيبهم، وكراهيتهم لمصر، واصفًا ومحددًا مستوى شماتتهم في شعبها وجيشها، لدرجة رصده لشماتتهم فيها عندما تتعرض لكوارث طبيعية، كالسيول وحوادث الطرق التي هي قدر من الله.
أثناء وجودهم في السلطة- نقصد هنا جماعة الإخوان، كتب “الشرفاء” ينادي المصريين بالثبات والوحدة والتماسك، وعدم الصبر على استمرار هذا الكابوس، داعيًا بالالتفاف حول القوات المسلحة، وجيش مصر الصلب.
لم يتخوف “الشرفاء” كغيره من تهديد الجماعة الإرهابية، للكُتاب والمفكرين الذين نقدوها وطالبوا برحيلها، بل زود من معدله لنقدهم وكشف أخطاءهم واستخدامهم للمفاهيم المغلوطة من القرآن الكريم.
بمجرد أن شاهد “الشرفاء” إرهاصات ثورة الـ٣٠ من يونيو المجيدة، ومطالبة الشعب المصري للرئيس عبدالفتاح السيسي، بالخلاص من حكم الجماعة الظالمة، كتب “الشرفاء” أكثر من مقال، داعمًا دعوة الشعب للرئيس “السيسي” بتولي شئون البلاد، لدرجه أنه وصفه في مقالين متتالين بـ ” الهدية الربانية”.
لم يتوقف الشرفاء في حبه لمصر عند هذا الحد، بل ظل منذ عام ٢٠١٤ يفتش في أسرار الجماعة الإرهابية، ويفسر أسباب ارتكبها للعنف وسفكها للدماء، متصفحًا “صفحات الدم” في كتب إمامهم حسن البنا (رسائل البنا- الدعوة والداعية)، وغيرهما من الكتب المسمومة التي تناقلتها غيرهم من الجماعات الإرهابية، كـ “داعش والقاعدة” والكثير من التنظيمات التي تنسب نفسها زورًا وبهتانًا للإسلام.
لم يقتصر “الشرفاء” في كتاباته التي حب فيها مصر، وحبب فيها غيره من الإخوة العرب، على مهاجمة الجماعة الضالة- بل راح يدعوا كل الدول العربية الشقيقة للوقوف مع أرض الكنانة، بكل أشكال الدعم لإسقاط ما تبقى من تلك الجماعة الإرهابية، حتى أنه وصفهم بإخوان الشيطان.
فقراءة رأي “الشرفاء” حول جماعة الإخوان الإرهابية، والمفاهيم المغلوطة التي أسالت من خلالها الجماعة الدماء، ذلك الرأي الذي رصده كتاب “مفاهيم الدم عند الإخوان.. تأصيل لمنطلقات العنف من منظور عبد الرازق والشرفاء وعدنان” الصادر عن مركز رع للدراسات الاستراتيجية،- يشير إلى أن المفكر “الشرفاء الحمادي”، سعى إلى تقديم منظومة فكرية مجابهة لجماعة الإخوان، تستهدف مناظرة والرد على المنظومة الفكرية الفاسدة والمتطرفة التي صنعها البنا، من خلال بحث وتحليل المنطلقات الفكرية التي اعتمدها مؤسس الجماعة الإرهابية، ووضع تلك المنطلقات تحت منظار البحث والرد عليها بشكل منهجي، في سياق عرض المفهوم وفق رؤية البنا والرد على استشهاداته وفق تفاسير القرآن الكريم، والرد على التأسيس للأفكار الفاسدة في إطار واقع العلوم السياسية والسياقات التاريخية فيما لم يستشهد به بالنصوص الشرعية.
لقد أكد كتاب “مفاهيم الدم عند الإخوان” أن المفكر على الشرفاء، سعى إلى تقديم محتوى يصلح دليل ومرجع، يسترشد به كل باحث وحائر بشأن مدي صحة وصلاحية مفاهيم جماعة الإخوان للاعتقاد والإتباع، باعتبارها مرتكزات رئيسية تأسست عليها كل الجماعات المتطرفة، من جانب كمحاولة لإنقاذ البعض الذي قد يكون في مرحلة التذبذب بين الاقتناع بتلك الأفكار والمفاهيم وعدمه، أو على شفا انجراف للتجنيد في صفوف تلك الجماعات، وتبرئة للدين الإسلامي من مفاهيم وأفكار مفخخة، ارتبطت به عبر التاريخ وتسببت في إراقة دماء الأبرياء تحت راية مضللة ومكذوبة من جانب آخر، لإحداث عملية إحلال وتبديل لتلك الأفكار المضللة بأفكار تبرز سماحة الدين الإسلامي وتوضح صحيح الشرع الحنيف وتنفي مزاعم التكفيريين.
لقد أشار كتاب مفاهيم الدم إلى أن “الشرفاء” فتح باب التأصيل الشرعي لأفكار مناهضة للفكر المتطرف، حيث أصلا “على الشرفاء” لأفكار تجابه الفكر المتطرف من واقع العصر والنصوص الشرعية، للرد على تلك الأفكار المتطرفة، كمحاولة بحثية لتكوين منظومة فكرية متكاملة ومتنوعة تقوض المنظومة الفكرية المتطرفة. لقد مثلت آراء “الشرفاء” في كتاب “مفاهيم الدم عند الإخوان” منظومة فكرية، تعرضت لتحليل المفاهيم وفق تسلسل هرمي، حيث تطرقت في البداية إلى رأس الهرم المفاهيم التي تعد أهداف عليا لدي جماعة الإخوان المسلمين، من واقع رسائل مؤسس الجماعة “حسن البنا” كمصدر رئيسي، وانتهت بقاعدة الهرم التي تشمل المفاهيم التي تعد مناهج تربوية تخدم وتوظف لتحقيق أهداف الجماعة، حتى رسمت أفكار “الشرفاء” في كتاب “مفاهيم الدم عند الإخوان” خريطة ذهنية لدي المتلقي، تساعد في ربط الأفكار والتعرف على مدي خطورتها، كمنطلقات فكرية تسببت في تاريخ عريض من العنف، وصولًا إلى تقديم منظومة فكرية مناهضة للفكر المتطرف.
لقد فاقت كتابات المفكر على محمد الشرفاء عن مصر، كل الحدود، ومهما رصدنا ما تضمنته سنكون مقصرين، فهي رصدت حجم الإنجاز للرئيس السيسي في الحجر والبشر، في الثقافة وتجديد الخطاب الديني، في دعمه للمرأة والشباب، حتى مياه النيل وحقوق مصر التاريخية لاقت قدر كبير من كتابات “الشرفاء” داعمًا ومحذرًا من مخاطر آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، ودعم الصهاينة له.
في النهاية، نقول إن المفكر على محمد الشرفاء الحمادي، قضى أكثر من عشر سنوات- أي منذ الـ ٣٠ يونيو 2013، وحتى تاريخه مراقبًا لمصر عن قرب وعن حب، واثقًا في قيادتها وداعيًا شعبها بعدم تصديق الشائعات، مُسطرًا عشرات المقالات، التي حملت معاني وتوصيات تُرجمت في عدة كتب نشرتها مؤسسة “رسالة السلام” التي نفتخر بالانتماء لها.