إلى أين يتجه الاقتصاد المصري في 2024؟
“إلى أين يتجه الاقتصاد المصري؟” تساؤل يتردد كثيرًا في الشارع المصري، في ظل معدلات التضخم التي باتت مرتفعة وتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكى في السوق السوداء، وعدم وضوح ما إذا كان هناك تحريك ثالث للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي أم لا.
ولا ننسى قبل كل هذا ما تمر به المنطقة والعالم أجمع من حالة واضحة من عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول والتي رفعت من درجة المخاطر التي تواجه الاقتصادات، ولهذا سيتم في النقاط الآتية الإجابة على هذا التساؤل واستشراف اتجاه الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة وما يؤخذ في الاعتبار من قبل متخذي القرار.
تقييم الاقتصاد المصرى:
على الرغم من أن وضع الاقتصاد المصري والعالمي قد يجعل الكثير يظن بأنه ليس هناك أية مؤشرات إيجابية في الاقتصاد المصرى وأن كل ما يحدث الآن ما هو إلا سلبيات سواء في الحوكمة الاقتصادية أو ما ينعكس على الاقتصاد من تداعيات للأزمات الخارجية، ولكي يتم إجراء تقييم لاقتصاد دولة ما فإن هناك عددًا من المؤشرات التي يجب تحليلها وعلى رأسها النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم والبطالة والدين المحلى والخارجى وسعر الصرف.
(*) نمو الناتج المحلي الإجمالي:
كان تأثير التداعيات السلبية الخارجية واضحة على الناتج المحلي الإجمالي، وأهمها جائحة كورونا وإغلاق الاقتصادات والتي أدت إلى انخفاض النمو الاقتصادي إلى 3.5% و3.3% عامي 2019/2020 و2020/2021 على التوالي، لكن الجانب الإيجابى هنا هو عدم استسلام الاقتصاد المصري للأزمات وتحقيقه نمو بلغ 6.6% في 2021/2022، و4.4% في الفترة يوليو-سبتمبر 2022/2023، محافظًا بذلك على الطفرة المُتحققة في العامين الماليين السابقين للجائحة.
(*) معدل التضخم:
مر معدل التضخم بمصر في السنوات الأخيرة بمراحل مختلفة، ما بين ارتفاع وانخفاض ثم ارتفاع مرة أخرى وتغييرات في السياسة النقدية من مقيدة إلى تيسيرية ثم مقيدة تارةً أخرى، وكل هذا في انعكاس للأزمات الخارجية كجائحة كورونا وارتفاع أسعار السلع العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية وخفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في 27 أكتوبر 2022، ورغم الأزمات الأخيرة من ارتفاع أسعار السلع لأسباب داخلية منها استغلال التجار وانخفاض الجنيه المصرى أمام الدولار في السوق الموازية وارتفاع درجة المخاطر بالمنطقة، إلا أن معدل التضخم أخذ اتجاهًا للانخفاض منذ يوليو 2023 ليسجل 35.2% في ديسمبر 2023.
لكن هذا الاتجاه لا ينفي أن معدلات التضخم الحالية بعيدة تمامًا عن معدلات التضخم المستهدفة من قِبل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري خلال الفترة القادمة عند مستوى 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5%(±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
(*) معدل البطالة:
حققت مصر طفرة في تحجيم معدل البطالة، والذي بلغ أقصى قيمة وهي 13.2% في 2013، لتسجل ما دون 7.5% منذ العام 2021 على أساس سنوى، ووفقًا للإحصائيات الربع سنوية لا يزال معدل البطالة محافظًا على إتجاهه الإيجابى مسجلًا 7% في الربع الثانى من عام 2023.
(*) الدين العام:
لا يزال تفاقم الدين العام من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، ويُعد وقف تفاقمه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي هو أحد أهم أهداف برنامج الإِصلاح الاقتصادى، فعلى الرغم من المحاولات الحكومية العديدة لوقف تفاقمه وانخفاضه بنهاية العام المالي 2017/2018 ليصل إلى 97.2% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بـ 108% بنهاية العام 2016/2017، إلا أن مستوياته تظل مرتفعة للغاية، خاصةً وأن التراجع الذي شهده الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يرجع بالأساس إلى التحسن في الناتج خلال تلك الفترة، وليس في انخفاض حجم الدين العام كقيمة مطلقة، والتي ارتفعت من 1306.5 مليار جنيه في يونيو 2012 إلى 5094.2 مليار في يونيو 2020، أي ارتفع حجم الدين بنسبة 290%.
(*) سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكي:
على الرغم من أن خطوة تعويم الجنيه المصري في 13 نوفمبر 2016 كانت بهدف القضاء على السوق السوداء وترك تحديدها وفقًا لعوامل العرض والطلب، إلا أن المراحل التي مر بها سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي لم تكن بالأداء الجيد الذي يحقق هذا الهدف، وذلك كما يلي:
المرحلة الأولى: تعويم الجنيه في نوفمبر 2016: ففي عـام 2016 كان هناك اسـتمرارًا فـي نقـص المعـروض وارتفــاع أســعار الســلع والخدمــات، وقــد أدى ذلــك إلــى التدهــور المســتمر لقيمــة الجنيــه المصـري؛ حيـث ارتفـع سـعر صـرف الدولار مـن 7.63 إلـى 8.88 جنيه، مــع وجــود فجــوة بيــن ســعر الصــرف الرســمي وســعر الصــرف فــي الســوق الســوداء، وذلــك أدى إلــى ارتفــاع المســتوى العــام للأســعار.
وعلــى الرغــم مــن أن البنــك المركــزي قــام برفــع فائــدة (الكوريــدور) لتصــل إلــى 11.75% للإيداع و12.75% للإقراض، فــإن معــدلات التضخــم وصلــت إلــى 14% فــي عام 2016. وفــي الثالــث مــن نوفمبــر 2016 تــم الإعلان عــن تعويــم الجنيــه المصــري، وقـد أدى ذلـك إلــى انخفــاض قيمــة الجنيــه بنحــو 50 %، ليؤدي كل هذا إلى تراجع سعر صرف الجنيه المصري ليصــل إلــى أعلــى ســعر عند 19.5 جنيه للدولار فى 21 ديسمبر ثم يعود للانخفاض مرة أخرى ليتراوح بين 17-18 جنيه للدولار حتى 21 مايو 2019.
المرحلة الثانية: جائحة كورونا: ومــع بــدء انتشــار فيــروس كورونــا فـي مـارس 2020، والتـي أصابـت أسـواق العملات وأدت إلــى تدهــور حــاد وانتشــار حالــة مــن الركــود في الاقتصــاد العالمــي، فقد قام البنك المركزي المصرى في 15 مارس 2020 بتطبيق عدد من الإجراءات الاحترازية من أهمها؛ الحفاظ على استقرار سعر الدولار عند 15.69 جنيه مصرى.
المرحلة الثالثة: تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية: تعرض الجنيه المصري لضغوط كبيرة بسبب انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد حيث أدت إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية والوقود وخروج نحو 20 مليار دولار من استثمارات الأجانب غير المباشرة في أدوات الدين المصرية، وضاعف من هذه الضغوط رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكى لأسعار الفائدة مرات متتالية لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، فقد تراجع سعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار بعد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكى لأسعار الفائدة في المرة الأولى بمقدار 25 نقطة في 16 مارس 2022، ليصبح عند 18.54 جنيه للدولار للبيع في 22 مارس، وتذبذبه منذ هذا التاريخ مع الاستقرار بين 18 -19 جنيه للدولار.
المرحلة الرابعة: اتباع نظام سعر صرف مرن: شهد سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار ارتفاعًا جديدًا بعد إعلان البنك المركزي المصري في 27 أكتوبر 2022 بجعل تحرك سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن، وأصبح سعر الصرف أعلى من 24 جنيه للدولار منذ 30 أكتوبر 2022، ليستقر في الفترة الأخيرة عند 30.9 جنيه.
إلا أن هذا النظام المُتبع لم يحافظ على سعر صرف جنيه مقابل الدولار وكان له مساوئ تتعلق بوجود سعر مختلف في السوق السوداء يتجاوز 50 جنيهًا للدولار وذلك نتيجة التثبيت الذي حدث بعد ارتفاع سعر الصرف عند 30 جنيه.
ويتضح مما سبق، بعد تحليل بعض المؤشرات الهامة للاقتصاد المصري، أن هناك تحسن في اتجاه بعض المؤشرات إلا أن الاقتصاد يعاني من تعثرات ساهمت فيها الأزمات العالمية الأخيرة وإدارة للسياسة النقدية والدين العام.
مخاطر جيوسياسية واقتصادية:
كما سبق أن تبين من خلال تقييم بعض المؤشرات للاقتصاد المصرى أن للأزمات الخارجية دورًا سلبيًا على الاقتصاد المصري؛ وفي ظل الأحداث المستمرة منذ بداية العام الحالي 2024 فإن هناك عددًا من المخاطر التي لا تزال تواجه الاقتصاد ولكنها قد تكون أشد قسوة من مخاطر الأعوام الأخيرة السابقة، سواء مخاطر جيوسياسية أو اقتصادية، وهي كالتالي:
(&) الحرب الروسية الأوكرانية: فلم يتسبب الهجوم الروسى منذ 24 فبراير عام 2022 والتأثير الاقتصادي المكثف على روسيا بسبب العقوبات المالية الشديدة المفروضة عليها في كارثة اقتصادية على روسيا فقط، بل خلفت الحرب، والتى ما تزال مستمرة، تداعيات تهدد الاقتصاد العالمي وتهز الأسواق المالية وتجعل الحياة أكثر خطورة على الجميع، حيث باتت تشهد الاقتصادات العالمية ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية وبطء وخنق فى سلاسل التوريد، لا سيما وأن كل من روسيا وأوكرانيا تلعبان دورًا مهمًا في تصدير النفط والغاز الطبيعي والفحم والقمح والسلع الأخرى في السوق العالمية ويمثل كلا البلدين ما يقرب من ربع إجمالي الصادرات العالمية، ولهذا فإن استمرار هذه الحرب يجعلها تهديد مستمر للاقتصاد المصرى المعتمد على كل من روسيا وأوكرانيا بشكل كبير فى استيراد القمح (العنصر الغذائى الأساسى لمصر).
(&) عدم الاستقرار السياسى فى الشرق الأوسط: ففى العام الحالى اتسعت دائرة عدم الاستقرار بالمنطقة والتى باتت تشمل حرب غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وهجمات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر للسفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل، والهجمات المتبادلة بين دولة الاحتلال من جهة و”حزب الله” بلبنان وجماعات تابعة لإيران بسوريا من جهة أخرى، وهو ما يهدد الملاحة بالبحرين الأحمر والمتوسط ويؤثر على إيرادات الموانئ المصرية، وقناة السويس والتي تعتبر واحدة من المصادر الخمسة الأساسية للنقد الأجنبى لمصر بسبب التخوف من تهديدات الملاحة بالبحر الأحمر واتجاه السفن إلى تغيير طرق المرور؛ هذا فضلا عن ارتفاع تكاليف النقل البحري والتأمين على السفن بما ينعكس على أسعار السلع، ويزيد من مخاوف المُستثمر الأجنبى.
(&) التأثير على حصة مصر من مياه النيل: بسبب إصرار الجانب الأثيوبى على مواصلة العمل بسد النهضة بصورة أحادية.
(&) أسعار النفط العالمية المهددة لعجز الموازنة العامة للدولة: فقد ألقت الأحداث العالمية منذ 2022 وزيادة الطلب العالمى بظلالها على أسعار النفط العالمية وباتت العقود الآجلة مرتفعة متجاوزة 70 دولار للبرميل، وبحسب موازنة العام المالى الحالى 2023/2024 فقد تم تقدير متوسط سعر برميل برنت بها على نحو 58 دولار للبرميل وفي حالة ارتفاع سعر النفط بنحو 1 دولار عن السعر المُقدر سيؤدي ذلك إلى تدهو صافي العلاقة مع الخزانة وبالتالى العجز الكلي المستهدف.
(&) ارتفاع الدين العام: وهو ما يتحكم فيه اثنين من العوامل؛ يتمثل العامل الأول في ارتفاع أسعار الفائدة العالمية منذ عام 2022 من قِبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتبعه في ذلك البنوك المركزية حول العالم بما فيهم مصر، وهو ما رفع من تكلفة الدين الحكومى وستظل مرتفعة حتى تخفض البنوك تلك الفائدة مع انخفاض معدلات التضخم وهو المُتوقع، أما العامل الثانى فيتمثل في خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري من قِبل وكالات التصنيف المختلفة؛ فعلى سبيل المثال مر التصنيف بمراحل مختلفة من قِبل وكالة التصنيف موديز بدايةً من نظرة مستقبلية سلبية في 26 مايو 2022 عند B2 إلى B3 في 9 مايو 2023، ثم مؤخرًا إلى Caa1 في 5 أكتوبر 2023، وهو ما يعني من وجهة نظر الوكالة تراجع قدرة مصر على سداد ديونها نتيجة ارتفاع درجة المخاطر بما يحمل تداعياته السلبية على ارتفاع تكلفة الديون الخارجية لمصر.
(&) تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي: متأثرًا في البداية بالحرب الروسية الأوكرانية والمرة الثانية نتيجة التعويم في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج “تسهيل الصندوق الممدد” بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي، ليتراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار من أقل من 16 جنيه للدولار قبل الحرب الروسية الأوكرانية حتى استقر فوق 30.8 جنيه للدولار منذ 8 مارس 2023، ومن المتوقع أن يكون هناك تخفيض آخر لقيمة الجنيه المصري كشرط ضمن شروط صندوق النقد، لاسيما وأن مصر تستورد أكثر مما تصدر، وبالتالي فإن تعويم الجنيه يعني أنه سيكون هناك ارتفاع في أسعار السلع بالسوق المصرى سواء المستوردة أو المحلية نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج.
فبحسب مؤشر نسبة تغطية الصادرات إلى الواردات، وهو مؤشر يقيس مدى قدرة الدولة على تغطية وراداتها من حصيلة الصادرات، فعلى الرغم من تحسن المؤشر منذ عام 2015/2016، ورغم وبلوغه اعلى قيمة له 56% في 2022/2023، إلا أنه يعكس أن الصادرات المصرية تراوحت تغطيتها للواردات ما بين 33-56% فقط.
(&) خروج جزء كبير من الأموال الساخنة من الاقتصاد المصري: نتيجة رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة وتبعه في ذلك البنوك المركزية حول العالم لمواجهة الارتفاع في معدلات التضخم جراء ارتفاع أسعار السلع العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وانعكس ذلك في انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي من 40.6 مليار دولار فى يونيو 2021 إلى 33.4 في يونيو 2022، قبل ارتفاعه إلى 35.219 مليار دولار في ديسمبر 2023.
(&) مخاطر التقلبات المناخية: والتي تؤثر على الجانب الاقتصادي، حيث باتت مصر تشهد موجات حارة بين الحين والآخر خلال فصل الصيف نتيجة الاحتباس الحراري، وهو ما يدفع بضرورة التوجه نحو اتخاذ إجراءات عاجلة وسريعة للتصدي لمثل هذه الظاهرة، حيث أوضح تقرير لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة أن كل 0.5 درجة مئوية إضافية من الاحترار ستزيد من شدة وتواتر درجات الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، فضلا عن الجفاف في بعض المناطق، نظرا لأن درجات الحرارة تتقلب من سنة إلى أخرى، بما يؤدي إلى انتشار الآفات والأمراض ويساهم في تقلص إنتاجية معظم المحاصيل، فضلاً عن التأثير على الأمن المائي والغذائي.
وإذا نظرنا إلى ترتيب مصر العالمى وفقا لمؤشر ND-GAIN، والذى يصنف الدول باستخدام درجات تحسب مدى تأثر الدولة بتغير المناخ والتحديات العالمية الأخرى بالإضافة إلى مدى المرونة في الاستجابة، نجد أن مصر تم تصنيفها على أنها شديدة التأثر بتغير المناخ واحتلت المرتبة 104 من أصل 185 دولة لعام 2021، بما يدلل على مدى التأثر الذي تشهده مصر من التغيرات المناخية.
حلول واقعية.. اتجاه الاقتصاد في عام 2024
سيظل ارتفاع درجة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية يعطي الرؤية الأقل تفاؤلا للاقتصاد المصري، وتتمثل في زيادة العجز بالموازنة العامة للدولة والميزان التجاري وارتفاع أسعار السلع وتكاليف خدمة الدين، بما سيؤثر على مواصلة الخطط والمشاريع القومية للحكومة المصرية على النحو المراد، ويمثل المزيد من الضغط على سعر الصرف للجنيه المصرى.
على الرغم من التحديات الحالية التي تواجه الاقتصاد المصرى، إلا أنه لا يزال هناك المزيد من الحلول الواقعية التي يمكن اتباعها بما يخفف من حدة هذه التحديات، من بينها؛
- عدم إجراء أية تخفيضات جديدة للجنيه المصري، وهو ما يعني عدم الاستمرار في إجراءات الحصول على قروض من قِبل صندوق النقد الدولي، فإن أي تخفيض جديد للجنيه المصرى سيكون له مساوئه على الاقتصاد، لا سيما وأن هناك حلول بديلة للحصول على القروض ومنها انضمام مصر للبريكس والذي يولد المزيد من فرص الحصول على المزيد من التمويلات من قِبل من بنك التنمية الجديد NDB بدون أية مشروطية فضلاً عن إتاحة الفرصة للتبادل التجارى مع الدول الأعضاء بالعملات المحلية بما سيخفف من الضغط على الموارد من العملة الأجنبية.
- تكثيف المشاورات مع الدول العربية والأجنبية الصديقة للحصول على ودائع بالعملات الأجنبية طويلة المدى تدعم الاحتياطي من النقد الأجنبى.
- إعادة النظر فى مصروفات الهيئات الاقتصادية الغير منطقية، والتي تتمثل فى حصول المنتدبين بمجالس الإدارة ورؤساء القطاعات ومديري العموم على مبالغ مرتفعة للغاية من المرتبات الشهرية والمكافأت ونسبة مرتفعة من الأرباح، هذا بخلاف حصولهم على وسائل انتقال خاصة بهم، ويؤثر كل هذا بالطبع على صافي العلاقة بين الموازنة العامة للدولة والهيئات.
- الاستغناء عن الوظائف القيادية الأخرى التى ثبت عدم جدواها وتمثل عبئا على جانب المصروفات بالموازنة، كوجود عدد كبير من المساعدين والمستشارين للوزراء ونواب المحافظين والخبراء.
- إعادة توجيه النفقات؛ من خلال ترشيد النفقات والاستهلاك الحكومى غير الضروريين، ومن بينها خفض ساعات العمل بالأماكن الحكومية لتخفيض استهلاك الطاقة ومواصلة تخفيف أحمال الكهرباء للتوفير من فاتورة الواردات البترولية.
- اتباع نهج التسعير الجبري لكافة السلع، مع إلزام المنتجين بوضع السعر على المنتج واضحًا للجمهور.
- ضرورة التنسيق بين السياسات النقدية والمالية لإحداث التأثير الفعال.
- تخصيص منح للمنتجين المحليين الذين يقوموا بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا والتصدير للخارج.
- إصدار نظام لإعفاء جميع أنظمة ومعدات الطاقة المتجددة من الجمارك والضرائب حتى لا ترتفع أسعارها والتشجيع على التوجه إلى هذا النوع من الطاقة.
- فرض عقوبات صارمة على كل من يتداول أسعار الصرف للحنيه المصرى مختلفة عن المُحددة من قبل البنك المركزى، أو يقوم بتسعير السلع على أساس أسعار صرف مختلفة، مع تسهيل حصول المستوردين للسلع الأساسية على العملات الأجنبية للاستيراد.
- توفير المناخ الاستثماري الملائم وإصدار تشريعات محلية تجذب المستثمرين المحليين والأجانب للتوجه لمجال الطاقة المتجددة.
- تقديم تسهيلات ضريبية للمستثمرين الأجانب في مجال تكنولوجيا الطاقات المتجددة لتشجيع دخول الصناعات التي تقوم عليها الطاقة المتجددة إلى مصر.
- تعزيز مفهوم الشركات الخضراء، وهو مصطلح قائم على أن تكون الشركة ملتزمة بيئيًا في كل ما تقوم به من ممارسات تسويقية وكل ما تصنعه من سلع ومنتجات فهي تلتزم بكل اللوائح والممارسات البيئية، التي تضمن حماية الموارد البيئية، والحد من التلوث الذي قد يتعرض له المجتمع المحيط بها، بالإضافة إلى تقديم الحوافز الضريبية وتسهيل إجراءات التأسيس أو تغيير السجلات بما يتوافق مع مراحل التحول لهذه الشركات.
وختامًا، يمكن القول إن الاقتصاد المِصري نجح في تجاوز المراحل الأصعب من تطبيق برنامج الإِصلاح الاقتصادى، وانعكس هذا النجاح على العديد من المُؤشرات الاقتصادية التى شهدت تحسنًا إيجابيًّا منذ البدء فى تنفيذ هذا البرنامج وحتى بداية جائحة كورونا، إلا أن الأحداث العالمية المُتعاقبة وارتفاع درجة المخاطر الاقتصادية باتت تمثل تحديًا جديدًا أمام الاقتصاد المصرى، والذي لا يمكن تجاوزه بدون إدارة اقتصادية رشيدة وصارمة واتباع خطط ونهج مختلف عما سبق.