تداعيات اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال على الأمن الإقليمي
في مطلع العام الجاري 2024، أبرمت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي غير المعترف به دوليًا، وذلك للسماح لأديس أبابا بالحصول على موطئ قدم لها في البحر الأحمر، تمهيدًا لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية بالقرب من ميناء بربرة على مساحة 20 كيلو متر مربع لمدة 50 عامًا، في مقابل الاعتراف الإثيوبي بـ “أرض الصومال” كدولة مستقلة بعد استقلالها من جانب واحد في عام 1991، إضافة إلى حصولها على نسبة تقدر بـ 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية التي تعد كبرى شركات الطيران في إفريقيا والتي بغلت إيراداتها نحو 6.9 مليار دولار خلال عام 2022، الأمر الذي يشكل فرصة اقتصادية مهمة لأرض الصومال.
وتأسيسًا على ما سبق، يحاول هذا التحليل الإجابة على التساؤلات التالية، وهي: ماهي أهمية امتلاك إثيوبيا موطئ قدم في البحر الأحمر؟، وما هي مواقف الأطراف والقوى الإقليمية والدولية من اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال؟، وماهي تداعياته؟، وما هي السيناريوهات المحتملة لتعامل الصومال مع الأزمة؟
أهمية الاتفاق بالنسبة لإثيوبيا
قد يمثل الاتفاق الذي أبرمته إثيوبيا مع أرض الصومال أهمية خاصة لها، بتحويلها من دولة حبيسة إلى دولة تمتلك منفذًا بحريًا، تستطيع من خلاله حماية مصالحها الحيوية، ويمكن توضيح أهميتها فيما يلي:
خريطة توضح موقع ميناء بربرة- “رويترز”
(*) الأهمية الاستراتيجية: تسعى إثيوبيا منذ استقلال إريتريا في عام 1993، لامتلاك منفذًا بحريًا دائمًا على البحر الأحمر، كونها دولة حبيسة لا تمتلك منفذًا بحريًا، واعتمادها بشكل أساسي على ميناء جيبوتي خلال السنوات الماضية على أكثر من 95% من تجارتها الخارجية، إلا أنها سعت إلى توسيع بدائلها من الموانئ البحرية في منطقة القرن الإفريقي منذ عام 2018، وذلك من خلال تنازل إحدى دول المنطقة عن جزء من أراضيها لإثيوبيا، في مقابل حصص من بعض المؤسسات الوطنية الإثيوبية، وهو ما رفضته جميع دول المنطقة، نظرًا لوجود مخاوف في المنطقة من أطماع إثيوبيا في التوسع الاستراتيجي بامتلاكها موطئ قدم في البحر الأحمر.
وعليه، تمكنت إثيوبيا من توقيع اتفاق مبدئي مع “أرض الصومال”، الأمر الذي قد يعزز من امتلاك شبكة الموانئ البحرية لأديس أبابا مثلما كان يطمح رئيس الوزراء “آبي أحمد”، بدلاً من اعتمادها على ميناء جيبوتي فقط الذي يمثل المنفذ البحري الوحيد لأديس أبابا على العالم الخارجي.
ومما سبق، قد تحاول إثيوبيا إعادة إحياء أسطولها البحري، الذي أعلن عنه “آبي أحمد” في عام 2018، وقد دعمته فرنسا بتوقيع اتفاق ثنائي في عام 2019 قبل أن تتسبب الحرب الإثيوبية في إقليم “تيجراي” في الفترة من نوفمبر 2020 إلى نوفمبر 2022 في توقفه، لذلك من المرجح أن تستئنف أديس أبابا تعاونها مع فرنسا وعدد من القوى الدولية الفاعلة من أجل بناء أسطولها البحري، بمجرد إزالة العقبات التي تحول دون بناء قاعدة بحرية تجارية لها في بربرة بأرض الصومال، وفقًا للاتفاق.
ويساهم الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وأرض الصومال، في استعادة أديس أبابا نفوذها في البحر الأحمر، والذي يعتبره آبي أحمد بمثابة قضية وجودية للدولة الإثيوبية، ويجعلها تتغلغل بقوة في المعادلة الإقليمية والأمنية في منطقة القرن الإفريقي، الأمر الذي يعزز من مكانة ودور إثيوبيا الإقليمي في الفترة المقبلة.
كما يعد الاتفاق بمثابة تحدي دبلوماسي لإثيوبيا في المنطقة، لا سيما في وجود منافسات إقليمية ودولية على النفوذ بالبحر الأحمر.
(*) الأهمية الاقتصادية: بعقد الاتفاق المبدئي بين إثيوبيا وأرض الصومال، وإقامة ميناء بحري وقاعدة عسكرية إثيوبية خاصة بها، قد تتخلي أديس أبابا عن اعتمادها على ميناء جيبوتي، حيث تدفع الحكومة الإثيوبية لجيبوتي رسوم تقدر بنحو ملياري دولار سنويًا، كما تشير التقارير إلى خسارة أديس أبابا نحو 150 مليون دولار شهريًا، نتيجة لحرمانها من امتلاك منفذ على البحر الأحمر، الأمر الذي يكسب الاتفاق أهمية اقتصادية بجانب أهميته الاستراتيجية.
كما قد يشكل حصول إثيوبيا على منفذ بحري دائم على البحر الأحمر زيادة نحو 25%-30% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لدراسة للأمم المتحدة، الأمر الذي يعكس الضرورة الاقتصادية لتأمين وصول أديس أبابا للبحر الأحمر، خاصة وأن عدد السكان يبلغ نحو 120 مليونًا، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 مليونًا بحلول عام 2029، وهو ما يمثل ضغوطًا اقتصادية على حكومة إثيوبيا، ويجعلها تبذل جهودًا مضاعفة لتنويع الموانئ البحرية بدلاً من الاعتماد على ميناء جيبوتي الاستراتيجي فقط.
(*) الأهمية الأمنية: قد ينتج عن امتلاك إثيوبيا لموطئ قدم في البحر الأحمر، تحسين الأوضاع في الداخل الإثيوبي، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في الداخل الإثيوبي، حيث تعاني أديس أبابا من نزاعات وصراعات عرقية وسياسية في إقليم “أمهرة”، كما قد ترغب أديس أبابا في الوصول للبحر الأحمر، لتأمين تجارتها الدولية وتحقيق أمنها القومي، في ظل التهديدات الأمنية التي يشهدها البحر الأحمر.
مواقف الأطراف
بدت مواقف الأطراف صارمة حول الاتفاق المبرم بين إثيوبيا و”أرض الصومال”، كالتالي:
(-) أرض الصومال: ينظر إقليم” أرض الصومال” للاتفاق الذي أبرمه مع إثيوبيا على أنه قد يمنحه العديد من المكاسب، حيث يشمل الاتفاق الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة، بعد استقلالها من جانب واحد في عام 1991، الأمر الذي قد يشكل نجاحًا بالنسبة لها على الصعيد الإقليمي، ويضمن لها الحماية من أي تهديدات إقليمية قد تتعرض لها من جانب الحكومة الصومالية، إضافة إلى حصولها على مكاسب اقتصادية تتمثل في حصة تقدر بـ 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية، والاستثمار في البنية التحتية وتطوير الطرق والموانئ البحرية، فضلاً عن تعزيز صناعة السياحة في “أرض الصومال، بالاعتماد على الخطوط الجوية الإثيوبية، الأمر الذي قد يجعلها تقدم نفسها كقوة إقليمية مستقرة في المنطقة، ومن الممكن أن تحاول إقناع أطراف إقليمية ودولية أخرى بتبني نفس الموقف الإثيوبي.
(-) دولة الصومال: تعتبر الحكومة الصومالية الاتفاق بمثابة انتهاكًا لسيادة ووحدة أراضيها، وأكدت مقديشو تمسكها بأراضيها، ودعت الشعب الصومالي للدفاع عن وحدة وسيادة البلاد، إضافة إلى اتخاذها إجراء دبلوماسي بسحب سفيرها من إثيوبيا من جهة، وإجراء قانوني بإلغاء الاتفاق من جهة أخرى، الأمر الذي قد يحدث حالة من التوتر والاضطراب في العلاقات مع أديس أبابا بعد سنوات من الاستقرار، فضلاً عن اتهام أديس أبابا بتكرار خطأ رئيس الوزراء السابق ” ميليس زيناوي” بالتدخل عسكريًا في الصومال والذي نتج عنه تصاعد “حركة الشباب المجاهدين” الإرهابية، مما يعني تورط إثيوبيا في زعزعة استقرار الصومال منذ سنوات، حيث قد جاء الاتفاق بعد أيام من توصل الصومال وأرض الصومال إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات بواسطة جيبوتية من أجل إزالة أسباب التوتر السياسي بينهما وتسوية الخلافات، وقد توقفت المفاوضات في عام 2020.
كما دعت الحكومة الفيدرالية الصومالية في بيان لها، الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة “إيجاد” الإقليمية لشرق إفريقيا للوقوف إلى جانب الصومال للدفاع عن وحدته وسيادته وإجبار إثيوبيا على الالتزام بالقوانين الدولية.
علاوة على ذلك، رفضت “حركة الشباب” الاتفاق، واعتبرته بمثابة عملية نهب وسرقة لثروات الصومال، ودعت الشعب الصومالي إلى حمل السلاح والقتال ضد إثيوبيا.
موقف القوى الإقليمية والدولية
تعددت التصريحات الإقليمية والدولية تجاه الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وأرض الصومال، حيث قد تساعد قراءة وتحليل تلك المواقف، بالإضافة إلى مواقف الأطراف في تحديد التداعيات ووضع سيناريوهات محتملة لمسار الأزمة، وهي كالتالي:
1-المواقف الإقليمية: برزت ردود الفعل الإقليمية بعد الإعلان عن الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وأرض الصومال، أبرز تلك المواقف:
(#) منظمة “الإيجاد”: رفضت الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) الانحياز، ودعت الأطراف إلى ضبط النفس والتعاون من أجل التوصل إلى حل سلمي وودي، ومن جانبها انتقدت مقديشو هذا الرد قائلة إنه لا يرقى إلى مستوي الإدانة المناسبة.
(#) الاتحاد الأفريقي: دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي “موسى فقيه محمد” في بيان إلى التهدئة والاحترام المتبادل، لخفض التوتر المتصاعد بين إثيوبيا والصومال، كما دعا الأطراف إلى التفويض لتسوية الخلاف، وشدد فقيه على “ضرورة احترام وحدة وسيادة الأراضي والسيادة الكاملة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي”.
(#) جامعة الدول العربية: أدانت جامعة الدول العربية الاتفاق، ورفضت أي “مذكرات تفاهم قد تنتهك سيادة الدولة الصومالية، أو تحاول الاستفادة من هشاشة الأوضاع الداخلية الصومالية، أو تعثر المفاوضات الصومالية”، وأكدت تضامنها الكامل مع موقف الصومال، كما أعربت الجامعة عن مخاوفها من أن تؤثر هذه الخطوة على نشر الأفكار المتطرفة، أو استقطاع جزء من أراضي الصومال.
(#) مصر: أكدت مصر على رفضها الاتفاق، وحثت الأطراف على “ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، وشددت على حق الصومال وشعبه دون غيره من الانتفاع بموارده”.
(#) تركيا: دعمت تركيا موقف الصومال، وأكدت على ضرورة احترام سيادة ووحدة أراضي الصومال، إضافة إلى دعمها مقديشيو في حربها ضد الإرهاب، مع تأكيد استمرار التعاون بين البلدين.
2-المواقف الدولية: تمثلت أبرز ردود الفعل الدولية، فيما يلي:
الولايات المتحدة: شددت الولايات المتحدة على احترام سيادة الصومال، ودعت الأطراف إلى الانخراط في حوار دبلوماسي.
الاتحاد الأوروبي: اتخذ الاتحاد الأوروبي نفس الموقف الأمريكي الداعي إلى احترام سيادة الصومال، والذي يعد “مفتاح السلام والاستقرار في القرن الإفريقي”، حسب وصفه.
منظمة التعاون الإسلامي: رفضت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الاتفاق، ووصفته بأنه غير قانوني، ويعد انتهاكًا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، مع تأكيد تضامنها مع الصومال، والدعوة إلى الاستقرار في المنطقة.
ومما سبق، جاءت المواقف مناصرة لدولة الصومال في ضمان وحدة وسلامة أراضيها، للحفاظ على الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، ومنع تصاعد هجمات “حركة الشباب” الإرهابية.
تداعيات محتملة
بقراءة ومتابعة التطورات في منطقة القرن الإفريقي، نجد أن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال قد ينتج عنه العديد من التداعيات التي قد تؤثر على المنطقة، ويمكن توضيح أبرز تلك التداعيات كالتالي:
(&) ضعف التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب: قد يؤثر قطع الصومال علاقته الدبلوماسية مع إثيوبيا، إلى عدم استمرار الوجود القانوني للجنود الإثيوبيين في الصومال، الذين يقاتلون “حركة الشباب” التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، حيث يوجد في إثيوبيا حاليًا مالا يقل عن 4000 جندي منتشرين كجزء من بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال، و 1000 جندي آخر منتشرين كجزء من الاتفاقيات الثنائية، لذلك عند سحب إثيوبيا قواتها قد يعقد الأمر بشكل كبير خطط الحكومة الصومالية بتطهير جنوب الصومال من “حركة الشباب” بحلول نهاية عام 2024.
ومن المرجح أن تزيد “حركة الشباب” هجماتها الانتقامية ضد القوات الإثيوبية لتوسيع حركاتها بالتمدد في الداخل الإثيوبي من خلال شن هجمات انتقامية، إضافة إلى استغلال توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال في تعزيز التجنيد ودعم التمويل، فضلاً عند تمدد الحركة في إقليم “أرض الصومال” للقتال ضد إثيوبيا، الأمر الذي قد يعزز من تصاعد خطر التطرف والعنف في منطقة القرن الإفريقي.
(&) تبني دول إقليمية ودولية نفس الموقف الإثيوبي: من الممكن أن تحاول أرض الصومال إقناع أطراف إقليمية ودولية أخرى بتبني نفس الموقف الإثيوبي، حيث أنها تدرك أهمية إثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي، وقد يمثل اعترافها بها كدولة مستقلة نجاحًا دبلوماسيًا لحكومة هرجيسا، فضلاً عن الاعتراف الثاني من تايوان، وذلك قد يشجع دولًا أخرى من اتخاذ نفس الموقف الإثيوبي.
(&) توتر علاقات إثيوبيا في القرن الإفريقي: قد تواجه إثيوبيا العديد من التوترات الإقليمية لا سيما مع الحكومة الصومالية التي استدعت سفيرها لدى أديس أبابا للتشاور، حيث قد يسهم الاتفاق في فقدان السيطرة على ميناء بربرة مستقبلاً، بمعنى خسارة الأصول الاستراتيجية للإقليم، الأمر الذي قد يعمق من الانقسامات الداخلية، مع تصاعد الهجمات الإرهابية، مما بفاقم من حالة عدم الاستقرار في القرن الإفريقي.
كما قد ينتج عن استخدام إثيوبيا لميناء “بربرة” حرمان جيبوتي من مكانتها باعتبارها الميناء الوحيد الذي تعتمد عليه أديس أبابا بشكل أساسي في تجارتها، الأمر الذي قد يجعلها تفقد قدرًا كبيرًا من دخلها من الرسوم والضرائب، وتخشى أريتريا أيضًا من الاتفاق، حيث كان تسعى أسمرة لإبقاء إثيوبيا حبيسة خوفًا من أطماعها التوسعية.
وبناءًا على ما تقدم، يمكن القول إن الصومال في حال لم يتراجع إقليم “أرض الصومال” عن اتفاقه المبرم مع إثيوبيا، سوف تكون مقديشيو أمام سيناريوين، الأول: احتمالية الوساطة الإقليمية والدولية: قد تتعرض إثيوبيا لضغوط دولية وإقليمية فاعلة من أجل سحب مشروع اعترافها بـ “أرض الصومال” والوصول إلى حل وسط بين الأطراف، نظرًا لإمكانية حدوث اضطرابات إقليمية في القرن الإفريقي، والتي قد تهدد مصالح بعض الدول الإقليمية والدولية، وبالتالي لن تسمح بالإضرار بمصالحها، حيث تمتلك العديد من القوى الفاعلة استثمارات ضخمة في مجال الموانئ البحرية والبنى التحتية والمصالح في منطقة القرن الإفريقي، مثل الصين وتركيا ومصر والولايات المتحدة، فضلاً عن بروز حركات انفصالية قد تؤدي إلى حدوث انقسامات في المنطقة، وتكرار النموذجين الإريتري والجنوب سوداني، لذلك قد تكثف بعض القوى الدولية جهودها في الضغط على إثيوبيا، للحفاظ على الاستقرار في القرن الإفريقي، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا.
وقد يدعم هذا السيناريو أيضًا حالة الانقسام بين مواطني “إقليم الصومال” حول مشروع الاستقلال، حيث شهد “صول” ثاني أكبر أقاليم “أرض الصومال” أحداث عنف وحالة من الاضطراب الأمني منذ أواخر 2022، بسبب حدوث نزاعات بين حكومة أرض الصومال وكبرى عشائر الإقليم، التي ترفض الانفصال عن الصومال وتسعى لتأمين كيان خاص بها تابع لمقديشيو.
والسيناريو الثاني: إمكانية التدخل عسكريًا: اتخذت الصومال إجراء دبلوماسي بسحب سفيرها من إثيوبيا من جهة، وإجراء قانوني بإلغاء الاتفاق من جهة أخري، ولكن إمكانية اتخاذها قرار بالتدخل العسكري في الوقت الراهن قد يبدو صعبًا، حيث تعاني مقديشيو من حالة من الضعف والإنهاك الداخلي نتيجة للحرب ضد “حركة الشباب” الإرهابية، الأمر الذي يجعل حدوث هذا السيناريو ضعيفًا.
أخيرًا، تستخدم إثيوبيا كل الأدوات المتاحة لديها لتعظيم نفوذها في المنطقة، في نموذج لـ”قوة استعمارية” جديدة في القرن الإفريقي بزعم الحاجة للتتحرر من عزلتها الجغرافية، إضافة إلى مشاركتها في قوات حفظ السلام في الصومال وغيرها من البلدان الأفريقية، لذلك تسعى أديس أبابا إلى إتمام الاتفاق بكل الوسائل الممكنة، سواء بدعم إقليمي ودولي يمكنها من فرض إرادتها على الصومال، فضلًا عن احتواء القوى الإقليمية، وعرض بعض التنازلات، لإتمام خطة إثيوبيا، ومن ثم فرض سيطرتها على أرض الصومال وضمها، الأمر الذي قد يتسبب في مزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي.