في ظل رئاستها للاتحاد : هل تشهد العلاقات الاقتصادية الكونغولية- المصرية مزيداً من التطور؟  

أعلن الاتحاد الأفريقي تسلم رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام، خلفاً لنظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، خلال فعاليات القمة الرابعة والثلاثين للاتحاد الأفريقي المنعقدة، السبت 6 فبراير 2021. وتأتي رئاسة الاتحاد الإفريقي للرئيس الكونغولي تشيسكيدي، في وقت تواجه القارة الأفريقية تحديات كبيرة هذا العام مع جائحة فيروس كورونا الذي يلحق الضرر بالخدمات الصحية والاقتصادات بشدة.

وأعرب الرئيس السيسي، عن تمنياته لرئيس الكونغو الديمقراطية النجاح والتوفيق في مهامه في ظل هذه الفترة الصعبة التي تموج بتحديات وصعاب مختلفة، تأتى على رأسها تداعيات جائحة كورونا، وتنفيذ استحقاقات اتفاقية التجارة الحرة القارية واستكمال مراحل التفاوض بشأنها، وتفعيل التوصيات الخاصة بالإصلاح المؤسسي والمالي والإداري للاتحاد الإفريقي. كما أكد الرئيس اعتزاز مصر بعلاقات التعاون المتميزة مع الكونغو الديمقراطية في شتى المجالات، والحرص على دعم الكونغو الديمقراطية في المجالات التنموية والفنية المختلفة، مع العمل على زيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين بالتوازي مع العلاقات السياسية المتميزة بينهما، مطالبًا بنقل تحياته لأخيه الرئيس فيلكس تشيسكيدي.

تأسيسا على ما سبق، يمكن التطرق طبيعة الاقتصاد الكونغولى، وكذلك طبيعة العلاقات الاقتصادية بين مصر وجمهورية الكونغو.

اقتصاد متنوع..والنفط عموده الفقري:

يقوم اقتصاد الكونغو على الزراعة والصيد ، والمنتجات النفطية التى تعتبر العمود الفقري لاقتصاد البلاد .إذ يمثل الجزء الأكبر من عائدات التصدير وإيرادات الدولة، حيث تحتل البلاد مرتبة بين أكبر 10 منتجين للنفط في إفريقيا ولديها موارد معدنية كبيرة، ومعظمها غير مستغل بعد. وقد حققت الكونغو معدلات نمو اقتصادى جيدة الى حدكبير بالنسبة الى باقى دول افريقيا جنوب الصحراء ، وإن كان هذا المعدل قد انخفض الى 6.4% فى نهاية عام 2020 بفعل تداعيات جائحة كورونا. ويبلغ عدد سكان جمهورية الكونغو 5.2 مليون عام (2018) على مساحة 342000 كيلومتر مربع ، وهي قليلة السكان، حيث يتركز أكثر من نصف السكان في أكبر مدينتين فيها وهى برازافيل وبوانت نوار.

شكل رقم (1) معدلات النمو الاقتصادى لجمهورية الكونغو الديمقراطية خلال الفترة (2010-2020)

مصر والكونغو..علاقات اقتصادية قوية:

تربط بين مصر والكونغو علاقات تاريخية قوية، فضلا عن التعاون المشترك ووحدة الرؤى التى تربط بين البلدين الشقيقين، وحرصت مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجى مع الكونغو الديمقراطية فى شتى المجالات لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين، بما يعكس مزيداً من التنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمى والعمل التكاملى لإرساء السلام والاستقرار فى المنطقة والقارة الأفريقية.

فعلى صعيد العلاقات التجارية، ارتفعت الواردات المصرية من جمهورية الكونغو الديمقراطية لتسجل 110.62 مليون دولار خلال 2019، مقابل 2.7 مليون دولار خلال 2018، بزيادة 107.9 مليون دولار، أما الصادرات المصرية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية فقد انخفضت لتسجل 12.55 مليون دولار خلال 2019، مقابل 18.2 مليون دولار خلال 2018.وتمثلت أهم الصادرات المصرية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية فى : سيارات الركاب، والمواد العطرية ، فضلاً عن العصائر والفواكه. أما فيما يتعلق بالواردات المصرية من الكونغو الديمقراطية فأهمها: مواد خام مثل أقطاب النحاس، الزنك، الأخشاب.

وفى مجال الاستثمار، يوجد العديد من مشروعات التعاون بين مصر والكونغو ومنها مشروع الادارة المتكاملة للموارد المائية بالكونغو بتكلفة 5.10 مليار دولار ويمتد لخمس سنوات ، ويشمل ( حفر الابر واعداد دراسات البنية التحتية الكهرومائية . فضلاً عن الاستثمارات فى مجال الكهرباء والطاقة المتجددة وزيادة حجم المشروعات المشتركة، التى يقوم بتنفيذها الشركات المصرية العاملة فى مجال الكهرباء ، كذلك البنية الأساسية والتشييد والبناء .والاستثمار بين البلدين والتعاون فى مجال الصحة والدواء من خلال توفير الأطباء والفنيين .

كما تظهر جوانب العلاقات الاقتصادية بين البلدين فيما يلي :

_ففي 15/12/2010 وقعت مصر والكونغو الديمقراطية على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالات (إدارة الموارد المائية والري) و(التعاون السياحي) و(الشئون الاجتماعية) كما وقعتا أيضا على اتفاقية تفعيل (البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي والفني) ، واتفق الجانبان على إزالة العقبات وتيسير السبل أمام زيادة حجم التبادل التجاري بما يتماشى مع متانة العلاقات السياسية بينهما وتحديث الاتفاقيات الموقعة فى مجالات تشجيع الاستثمار.

_كما قررت مصر حفر 30 بئرًا في المناطق القاحلة في الكونغو، على أن تزود تلك القاهرة إقامة مزرعة حيوانية على مساحة 100 فدان بالقرب من العاصمة كنشاسا، الهدف منها الآبار بشبكات توزيع لاستخدامها في الري وسقي الحيوانات. كذلك قررت نقل الخبرة المصرية في تربية المواشي إلى الجانب الكونغولي، ولهذا السبب استضافت القاهرة 12 خبيرًا كونغوليًا لتدربيهم على التكنولوجيا الحديثة في مجال المياه وتربية الحيوانات.

– في أبريل 2017 تم الاتفاق على عدد من المشروعات بين الطرفين منها إعداد دراسة جدوى؛ لإنشاء بنية تحتية كهرومائية، وحفر 30 بئر مياه جوفية، على أن يتم إعداد 12 بئرا كمرحلة أولى.

– إنشاء مركز للتنبؤ بالتغيرات المناخية والأمطار، وهو أحد أهم مشروعات التعاون الثنائي بين البلدين، حيث سيكون المركز على صلة وثيقة بمركز التنبؤ التابع لوزارة الموارد المائية والري بالقاهرة، كما شمل التعاون مجالات التدريب في العديد من المجالات، مثل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، ومراقبة نوعية المياه وهيدرولوجيا أحواض الأنهار، وحصاد مياه الأمطار.

– فى 21/9/2020 ، تم بحث سبل دعم وتعزيز التعاون بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية ممثلة فى قطاعى الكهرباء بالبلدين الشقيقين..

كما تم بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة وتم استعراض المشروعات المشتركة والتى يقوم بتنفيذها شركات مصرية عاملة فى مجال الكهرباء.

فضلا عن إيفاد الخبراء المصريين لدولة الكونغو أو من خلال البرامج التدريبية التى يقدمها القطاع على المستويين الفني والإدارى للكوادر الكونغولية لتلبية احتياجات الجانب الكونغولى والبرامج التى يحتاجها وفقاً لمتطلبات قطاع الكهرباء عى أرض بلاده مؤكداً انه تم خلال الفترة من 2003 وحتى الآن تدريب حوالى 260 متدرباً كونغولياً فى مختلف مجالات الكهرباء

مستقل التعاون في ظل رئاسة الكونغو للاتحاد:

تلعب الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (EAPD) التابعة لوزارة الخارجية المصرية دوراً رئيسياً فى دعم جهود بناء القدرات فى جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال الدورات والمنح التدريبية التى تنظمها بالتعاون مع الوزارات المصرية ذات الصلة فى مختلف المجالات، والتى تشمل الصحة والكهرباء والرى والزراعة والدبلوماسية وغيرها.

وفى هذا الإطار، تقوم الوكالة بتوفير المساعدات اللوجيستية للعديد من القطاعات فى الكونغو الديمقراطية، والتى كان من بينها خلال الفترة الماضية إعادة تأهيل العديد من الأقسام فى مستشفى كينشاسا العام وتزويدها بالأجهزة الطبية، وإرسال العديد من القوافل الطبية المصرية، فضلاً عن إرسال شحنة من المساعدات اللوجيستية من مستلزمات الورش لإقامة مركز للتدريب المهنى فى كينشاسا، وكذلك مركز مماثل فى مدينة غوما شرق الكونغو.

وقامت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى مارس 2018 بتقديم مساعدات دوائية إلى هيئة الإذاعة والتليفزيون الكونغولية. كذلك، تعمل المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل على تنفيذ عدد من المشروعات فى الكونغو الديمقراطية من بينها إنشاء مزرعة نموذجية مشتركة، وعدد من محطات توليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن إنشاء مركز طبى فى كينشاسا.

وفى ظل رئاسة الكونغو للاتحاد الأفريقي، نتوقع مزيد من التعاون الاقتصادي بين مصر والكونغو، يتم حاليا إجراء عدد من دراسات الجدوى بشأن جعل نهر الكونغو صالحًا للملاحة بين بوما وكينشاسا بدعم مقدم من مصر.ومن المقرر أن تنشط جهود رئيس الكونغو ورئيس الاتحاد الأفريقي في مجال التكامل الإقليمي، مثل تفعيل “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية”، التي تم إطلاقها في 1 يناير من هذا العام 2021، وإطلاق “سوق النقل الجوي الأفريقي الموحد”، واعتماد بروتوكول “حرية الحركة والمبادئ التوجيهية لجوازات السفر الأفريقي”، وتنفيذ خطة البنية التحتية الشاملة للطاقة الزراعية في أفريقيا والاستجابة لتغير المناخ.

 

 

 

 

 

 

 

د.جيهان عبد السلام

مساعد مدير المركز في الملفات الاقتصادية والدراسات الإفريقية. -أستاذ مساعد الاقتصاد بجامعة القاهرة. -حاصلة على دكتوراه الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا. -عضو هيئة تحكيم البحوث الاقتصادية لدى المركز الجامعي لترامنست. -عضو هيئة تحكيم لدى كلية الاقتصاد والإدارة وعلوم التيسير. -عضو هيئة تحكيم لدى جامعة الشهيد لخضر. -خبير اقتصادي وكاتبة في العديد من المجلات العلمية ومراكز الدراسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى