استخدام الطوارق: كيف تُهدد “داعش” الحدود الجزائرية؟
فى الثامن من يوليو 2023، شهدت منطقة “أزواد” شمال مالي هجرة آلاف اللاجئين الطوارق إلي الأقاليم والمناطق الشمالية علي الحدود الجزائرية، ويرجع ذلك إلي كثرة اعتداءات تنظيم “داعش” الإرهابي المتكررة، حيث وصل ما يقرب من عشرة آلاف من الناجيين الهاربين من التنظيم الأشرس في منطقة الساحل. وقد صرح مسئول في تنسيقية الحركات الأزوادية “مولاي أغ سيدي”، بأنه قد وصل أكثر من سبعة آلاف نازح، بدأو في الهجرة منذ الشتاء إلي بلدية “تينزواتن” التابعة لدائرة “آبيبرا” بمقاطعة “كيدال”.
تأسيسًا علي ما سبق، نحاول في هذا التحليل الإجابة علي عدة تساؤلات، وهي: ما الطبيعة الجيوسياسية لمالي؟ وأين تتمركز خريطة الجماعات المسلحة في مالي والساحل الأفريقي؟ مع رصد أبرز العمليات التي شهدتها مالي ومنطقة الساحل، والأسباب التي أدت إلي زيادة هجرة اللاجئين الطوارق صوب الحدود الجزائرية؟ مع ذكر مهددات اللاجئين الطوارق علي منطقة الشمال المغربي؟
مدخل للأزمة:
تكثر في مالي العديد من التهديدات لمختلف الحكومات، فبعد أحداث 11 سبتمبر، بدأت الجماعات الجهادية العنيفة تتجه إلي شمال مالي، نتيجة للحرب الأهلية في الجزائر المجاورة خلال القرن التاسع عشر، حيث شكلت تهديدًا كبيراً علي الحكومة الجزائرية في ذلك الوقت، من خلال اختطاف الغربيين واحتجازهم في الصحراء مقابل فدية. كما أصبحت الجماعات الجهادية مصدر قلق للغرب حتي قبل انتمائهم للقاعدة في عام 2007.
وعليه، كانت الحكومة المالية بطيئة في الاعتراف بالجهاديين كتهديد خطير، وتوصلت إلي اتفاق غير رسمي بعدم الاعتداء مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومع ذلك كشف احتلال مالي عام 2012 أن الجهاد العنيف في الصحراء والساحل يمثل خطراً كبيراً علي الدول الضعيفة نسبياً في المنطقة.
وعلي الرغم من التعاون العسكري بين مالي والولايات المتحدة وروسيا ودول أخري، بالإضافة إلي الاتحاد الأوروبي مؤخراً، أصبحت فرنسا الفاعل الخارجي الأبرز فيما يتعلق بأمن مالي عندما أطلقت عملية “سيرفال” في عام 2013، حيث حددت مالي ثلاثة أهداف قصيرة المدى، أولها: تأمين باماكو وسكانها المغتربون، ثانيها: وقف التمرد الجهادي، ثالثها: استعادة وحدة أراضي مالي. لكن الواضح، هو ما أكده الخبراء والمقربين أن فرنسا كانت ناجحة فقط في تحقيق الهدف الأول، إذا تم تفادي الانهيار الكامل للدولة المالية، بينما أبقت مناطق شاسعة في شمال مالي خارج سيطرة الدولة بسبب المقاومة الانفصالية والمسلحين الجهاديين الناشئين، وأدي ذلك إلي تزايد العمليات الإرهابية في المنطقة.
وفي الآونة الأخيرة، أجبرت أعمال “داعش” الوحشية كل سكان قري منطقة مينكا “إن سنانن، إضيلمن، إغزر أرغن، تلاتايت، تين تشوري” وغيرها إلي الفرار، حيث اتجه بعضها نحو النيجر والجزائر، والبعض الأخر اتجه نحو مدن الإقليم الكبرى “غاوة، كيدال، منكا”.
وأصبح وضع اللاجئين في آسمقا “قرية حدودية تابعة لولاية آرليت شمال النيجر” سيئ للغاية، وأجبرت مئات العائلات علي العودة نحو الجحيم الذي هربت منه، كما قطعت تلك العائلات مئات الكيلومترات مشياً علي الأقدام لتصل إلي أقرب نقطة يتوفر فيها الماء وهي “آسمقا” البعيدة عن حضور المنظمات. ويعد الخطر الأكبر الذي يواجه تلك العائلات، هو انتشار أمراض غريبة في ظل غياب تام للتشخيص الطبي والفئات الضعيفة من النساء والأطفال وكبار السن هم أول ضحايا هذه الأمراض.
كما تواجه منطقة أزواد، التي تبحث عن حكم ذاتي، نزاعاً سياسياً بين الجبهات السياسية الموحدة في “الإطار الاستراتيجي الدائم” في إقليم أزواد، وبين باماكو. ووقع الطرفان اتفاق سلام عام 2015 برعاية جزائرية تعثر تنفيذه، إلا أن الأوضاع الجديدة في مالي التي أعقبت انقلابين عسكريين، وجلب مليشيات فاجنر الروسية عوضاً عن القوات الدولية من شأن ذلك مفاقمة الأوضاع الأمنية في المنطقة.
الطبيعة الجيوسياسية لمالي:
تعد مالي من أغني الدول الإفريقية من حيث الثروات المعدنية والزراعية، حيث تتميز بموارد طبيعية وفيرة، وتم وصف موقعها علي أنه الانتقال بين شمال إفريقيا وأفريقيا الذي يصل إلي المحيط والغابات، مما يمنح مالي موقعاً استراتيجياً مهماً،؛ فمن يسيطر علي مالي، يتحكم في غرب إفريقيا -إن لم تكن إفريقيا بأكملها- لهذا السبب أصبحت هذه المنطقة مرغوبة للغاية ومحط أطماع القوي العالمية، وتكالب أخطر التنظيمات الإرهابية عليها، وفيما يلي أهم الموارد الطبيعية والمنتجات الزراعية لمالي:
(-) الموارد الطبيعية: تتمثل الموارد الطبيعية في مالي في الآتي: (*) الذهب: في عام 1999، أصبحت مالي ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، حيث تنتج 61.63 طناً من الذهب سنوياً، وتراجعت مؤخراً إلي المركز الرابع. كان الإنفاق الفرنسي علي عملية “سيرفال” في عام 2013 أكثر من ضعف قيمة كل الذهب المنتج في مالي في ذلك الوقت. (*) الفوسفات والحجر الجيري: بلغ إنتاج مالي من الفوسفات أكثر من 150 ألف طن، واحتياطاتها قدرت بنحو 20 مليون طن، و600 ألف من فوسفات الكالسيوم، و200 ألف طن من الحجر الجيري. (*) اليورانيوم: لا توجد إحصائية واضحة عن إنتاج أو احتياطي مالي من اليورانيوم، حيث تقدره بعض الدراسات بنحو 100 مليون طن، ويوجد أغلبية الاحتياطي من اليورانيوم في شمال البلاد، وتحديداً في منطقة “كيدال”. كما تقوم شركات فرنسية وصينية وأسترالية بعمليات التنقيب عليه في تلك المنطقة التي يسيطر عليها الإرهابيين. (*) الملح والجرانيت والكاولين: تحتل مالي المرتبة الـ 86 في إنتاج الملح بإنتاج نحو 6 آلاف طن من احتياطي حوالي 53 مليون طن، بينما يقدر إنتاجها من مادة الجرانيت 36 ألف طن سنوياً. (*) البوكسيت والحديد: يقدر احتياطي مالي من مادة البوكسيت نحو 1.2 مليار طن توجد معظمها في منطقة “تومبوكتو”، بينما يقدر احتياطي معدن الحديد بحوالي 2 مليار طن.
وبالرغم من كل هذه الموارد الطبيعية الوفيرة؛ فالشمال المالي لا يعرف مدي قيمة الذهب واليورانيوم والمعادن الأخرى فيما يتعلق بالنفط، ولم يتم حفر أي شئ بنجاح في مالي علي الرغم من سنوات الاستكشاف في الشمال، لأن تكلفة استغلال هذه الموارد باهظة. لذلك لم تتزاحم شركات الطاقة أبداً للتنقيب في مالي.
(-) المنتجات الزراعية: تتميز مالي بتوافر المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، وتنتج القطن، الأرز، الفول السوداني، وتمثل قرابة 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
خريطة محدثة للجماعات المسلحة:
تتمركز التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، حيث توجد بؤرتان للتطرف، الأولي، تشمل مالي، بوركينا فاسو والنيجر، في الساحل الغربي، حيث تنشط العديد من الجماعات المرتبطة بتنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي والتي بايع البعض منها تنظيم “داعش”. بينما البؤرة الثانية، تشمل حوض بحيرة تشاد، الذي يضم نيجيريا، النيجر وتشاد والكاميرون، وتعاني هذه الدول منذ سنوات طويلة من جماعة بوكو حرام، وفي عام 2016 ظهرت جماعة منشقة من بوكو حرام أعلنت مبايعتها لتنظيم “داعش”. ومن أبرز الجماعات المسلحة في منطقة الساحل إقليم الساحل التابع لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبري (داعش)، ويعد التوحيد والجهاد، بمثابة جماعة سلفية جهادية متشددة وفرع من تنظيم الدولة الإسلامية العابر للحدود، وينشط بشكل أساسي في المناطق الحدودية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر والمعرفة باسم منطقة الحدود الثلاثة.
كان هناك انقسام داخل “داعش”، أدي إلي الإعلان عن هذا الفرع المحلي من تنظيم الدولة الإسلامية عندما أعلن زعيم الحركة “عدنان أبو وليد الصحراوي” القائد السابق لحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، انضمامه إلي الدولة الإسلامية في مايو 2015، وعلي الرغم من أن “داعش” لم تعترف إلا ببيعة زعيمها “أبو بكر البغدادي” في أكتوبر 2016، بدأت الدولة الإسلامية في الصحراء الكبري تتلقي اهتمام من وسائل الإعلام الرسمية لداعش. وفي عام 2019، تمركزت الدولة الإسلامية في غرب النيجر وميناكا في شمال شرق مالي، ونفذت أيضًا عدة هجمات في بوركينا فاسو بالقرب من الحدود مع مالي. كما توسعت عملياتها في الآونة الأخيرة علي طول الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو، وكذلك منطقة “غورما” جنوب تمبكتو في مالي. وبالتالي يتم رصد أبرز العمليات التي شهدتها منطقة مالي والساحل كما يلي:
(-) في عام 2017، شن تنظيم الدولة الإسلامية هجمات مختلفة علي أهداف عسكرية مرتبطة بالنيجر ومالي وبوركينا فاسو والجيوش الغربية، والأهداف المدنية في منطقة الساحل، ووقع أكبر هجوم لها في أكتوبر 2017، عندما نصب ما يصل إلي 100 مقتل جهادي كميناً لدورية أمريكية نيجيرية مشتركة في “تونجو تونجو”، النيجر، مما أسفر عن مقتل 4 أمريكيين من القبعات الخضراء، ومترجم، وخمسة جنود نيجيريين.
(-) في فبراير 2018، بدأت قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية في إطار عملية “برخان” في استهداف قواعد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبري، ومقاتليها بقوة، حيث اشتبكت الجماعة بشكل متكرر مع قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية والميليشيات المتحالفة معها في إطار عملية برخان. لذلك قاتل التنظيم كثيراً مع الجيش المالي والميليشيات المحلية المتحالفة مع القوات الفرنسية، وتحديداً حركة إنقاذ “أزواد” و “الطوارق” ومجموعة الحلفاء للدفاع الذاتي، وأيضاً كافحت من أجل تأكيد وجودها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بسبب هيمنة القاعدة والشركات التابعة لها في المنطقة.
(-) في عام 2018، استهدف تنظيم الدولة الإسلامية مختلف مجتمعات الطوارق والدوساهاك في منطقة “ميناكا” في مالي، وذلك ردًا علي العمليات التي نفذتها الميليشيات المدعومة من فرنسا.
(-) في سبتمبر 2019، أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم علي الموقع العسكري في “إنديليمان” شمال مالي، وأسفر الهجوم عن مقتل 40 جندياً.
(-) في نوفمبر 2019، قتل داعشي العشرات من الجنود النظاميين في مالي، بالإضافة إلي إصابة ثلاثة بجروح واختفاء اثنين آخرين، ومقتل مدني واحد وإصابة آخر بجروح.
(-) في الفترة من 2019 إلي 2021، ارتكب التنظيم في بوركينا فاسو، سلسلة من المجازر ضد مجتمعات موسي وفولسي وسونغاي وبلا في منطقة الساحل ومنطقة الوسط والشمال.
(-) في منتصف عام 2019 إلي أوائل عام 2020، ارتكب التنظيم في النيجر، فظائع جماعية واسعة النطاق ضد مجتمعات عرقية “جرما” و “الطوارق” في منطقتي تيلابيري وتاهوا.
(-) في مارس 2022، شن التنظيم هجوماً في منطقتي “ميناكا” و “جاو” علي نطاق غير مسبوق، واستمر الهجوم ستة أشهر بين مارس وأغسطس 2022، وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من ألف شخص، من بينهم مدنيون، وحركة إنقاذ أزوارد الموالية للحكومة، ومجموعة إمغد للدفاع عن النفس وميلشيات الحلفاء، ومقاتلي “حركة نصرة الإسلام والمسلمين” المنافسين.
(-) في 28 يوليو 2022، أحبطت مجموعة من المقاتلين في بلدة “أزواغ” علي الحدود بين النيجر ومالي عملية تهريب الوقود لتنظيم “داعش” الإرهابي من تشاد إلي مالي، وصادرت سيارات دفع رباعي تحمل “البنزين” قادمة من النيجر إلي تمركزات التنظيم في مالي، وذلك في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير “أزواد” إلي اتحاد الأزواديين داخل كيان واحد، لمواجهة التحديات الإرهابية.
أسباب هجرة “الطوارق” للجزائر:
ترجع الأسباب وراء هجرة آلاف اللاجئين الطوارق إلي الأقاليم والمناطق الشمالية صوب الحدود الجزائرية، إلي الأسباب التالية:
(&) كثرة اعتداءات “داعش”: أدت اعتداءات “داعش” المتكررة في منطقة الساحل إلي هجرة آلاف الطوارق، حيث وصل حوالي 7500 لاجئ أي ما يصل إلي نحو 1500 أسرة، بدأو في الهجرة منذ الشتاء إلي بلدية “تينزواتن” التابعة لدائرة “آبيبرا” بمقاطعة “كيدال”، وحتي الآن يتم تقديم الحماية والمساعدات الممكنة لهم.
(&) استغلال اللاجئين: يتعرض مئات الشيوخ والنساء بلا رعاية، والشباب الصغار دائما للمخاطر، حيث يتم اختطافهم من قبل الحركات المتطرفة أو تغريهم عصابات التهريب والإجرام. لذلك تقوم تنسيقية الحركات الأزوادية بحماية اللاجئين من أي اعتداء محتمل، وأيضاً امدادهم بالمساعدات المتاحة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الآلاف من اللاجئين.
(&) الفراغ الأمني: منذ رحيل القوات الفرنسية، وإعلان قوات الأمم المتحدة “مينوسما” الرحيل مؤخرًا عن المنطقة، بالإضافة إلي ضعف الحكومات المحلية، قامت التنظيمات الإرهابية باستغلال الفراغ الأمني لتحقيق أهدافها، حيث قامت تلك التنظيمات بهجمات متتالية في منطقة “مينكا” القريبة من أخطر مثلث حدودي في المنطقة، والواقع بين مالي، النيجر، وبوركينافاسو، دافعة بآلاف اللاجئين نحو البلدان المجاورة بحثاً عن الأمن والأمان، حيث تم تسجيل أعداد كبيرة من اللاجئين علي الحدود الجزائرية الجنوبية، لذا يقوم الهلال الأحمر الجزائري بتقديم المساعدات الغذائية والطبية للاجئين.
(&) غياب التنسيق: ترجع الأسباب وراء التهديد الأمني الذي تشهده المناطق الحدودية، بين مالي والنيجر وتشاد إلي غياب التنسيق بين هذه الدول، حيث انسحبت مالي من مجموعة دول الساحل والصحراء (مالي، بوركينافاسو، النيجر، مالي، موريتانيا)، بعد خلافات حول الانقلاب العسكري الذي شهدته مالي.
(&) تداعيات الانقلاب العسكري في مالي وبوركينا فاسو: أدي الانقلاب العسكري لكلا الدولتين إلي تزايد العمليات الإرهابية، بالإضافة إلي هشاشة الأنظمة الحاكمة التي لم تستطيع توفير الحماية الأمنية في البلاد ضد التهديدات الأمنية. ولذلك انعدم الأمن المرتبط بوجود التنظيمات والجماعات الإرهابية المسلحة.
انعكاسات ومهددات:
قد يترتب علي فكرة انتقال اللاجئين الطوارق من منطقة “أزواد” شمال مالي إلي الأقاليم والمناطق الشمالية علي الحدود الجزائرية، مجموعة من المهددات علي دولة الجزائر أو دول الشمال الأفريقي، تتمثل في الآتي:
1-احتمالية تغلغل الجماعات الإرهابية بين اللاجئين في منطقة الشمال المغربي: من الممكن أن تتسلل العناصر الإرهابية عبر قوافل اللاجئين وتستوطن بعض الأماكن، وتتسبب في إحداث عمليات إرهابية في الجزائر أو دول الشمال المغربي، مع إمكانية وجود تنافس بين تنظيمي “داعش” و “نصرة الإسلام والمسلمين” علي فرض السيطرة علي بعض القرى والمناطق في الساحل الأفريقي.
2-التهديد الأمني: قد يهدف انتقال اللاجئين علي الحدود الجزائرية إلي زعزعة الاستقرار في المنطقة، واستمرار التوترات “الإثنية”، بهدف منع الجزائر من الانفتاح في إفريقيا، وأيضًا الاستمرار في خلق الأزمات في المنطقة الشمالية لأفريقيا، بالإضافة إلي انتشار الأزمات والصراعات علي مستويات مختلفة، مما يتيح مساحة أكبر لتحرك الجماعات المتطرفة والإجرامية. كما يفتح المجال لتجارة السلاح والمخدرات، وجميع هذه المهددات تؤثر علي استقرار منطقة الساحل الأفريقي بشكل كبير.
3-تشكيل ضغط اقتصادي: هناك احتمالية لتشكيل خطر علي البنية التحتية في منطقة الشمال المغربي، من خلال شن عمليات إرهابية متزايدة علي الشمال المغربي وتحديداً الجزائر، ومن المحتمل أن ينتج عن ذلك تدمير لجزء من البُني التحتية للدولة. وهو ما سيضع عبء اقتصادي متمثل في: تحمُل تكاليف إعادة ترميم ما تم تدميره. ومن جهة أخري ستنخفض معدلات الاستثمار الوافدة إلي الجزائر والشمال المغربي، نتيجة عدم الاستقرار الأمني.
من مجمل ما سبق، يمكن القول إن استمرار الاعتداءات التي يتعرض لها الآلاف من اللاجئين في الداخل الأزوادي بشكل خاص، ومنطقة الساحل الأفريقي بشكل عام- قد يؤثر ذلك علي سكان المناطق المجاورة، مما يزيد من الهجرة غير الشرعية نحو الشمال المغربي، لذا لابد من تصارع الأمم المتحدة لنجدة اللاجئين، وأيضاً علي كل من المنظمات الإنسانية العربية والأجنبية التضامن مع اللاجئين في الداخل. ومن جهة أخري يتوجب علي الجزائر ودول الشمال المغربي تكثيف الجهود الأمنية لمنع تغلغل الجماعات الإرهابية مع إمكانية تهديها الأمني في المنطقة، بالإضافة إلي الخسائر الاقتصادية التي سوف تتعرض لها المنطقة الشمالية. وهناك احتمالية لتفعيل الجزائر الاستراتيجية العسكرية مع إمكانية وجود تعاون جزائري فرنسي أو جزائري روسي في المرحلة القادمة لقوة العلاقات بينهم.