دور المجتمع الأهلى المصري في رمضان 2023

أشرقت الجلاد- باحثة في وحدة الدراسات المصرية

نجحت مصر في تنظيم النشاط الأهلي، وإعطاء الفرص للجمعيات والمؤسسات الأهلية للمشاركة في التنمية الاجتماعية؛ بما يساعد في تحقيق التكافل الاجتماعي بمختلف المجالات، وساهم تدخل الدولة بتعظيم دور الجمعيات والمؤسسات الناتج عن التراث القديم، الذي يعتمد على مفهوم الخير، حيث تنشط في مصر أكثر من 50 ألف جمعية خيرية، تنتشر في كل أنحاء الجمهورية، بمختلف المجالات، ومنها؛ الرعاية، والتنمية، وتقديم خدمات صحية للفقراء، ورعاية المسنين، وذوي الهمم، وتقديم خدمات تعليمية من خلال المدارس، وتوفير الغذاء خاصة في شهر رمضان المبارك، الذي ينشط فيه دور الجمعيات في توزيع الكراتين الرمضانية في محافظات مختلفة.

في ضوء هذا التحليل، نوضح دور المؤسسات الأهلية، والجمعيات الخيرية، والمقارنة بين حجم وآلية التوزيع في عامي 2022، و2023، وكيف تدخلت الدولة لضمان كفاءة التوزيع من خلال مبادرات التحالف الوطني، خاصة مبادرة «كتف في كتف»، وكيف أثرت هذه المبادرة على حجم و آلية توزيع الكراتين، وهل حققت الرضا العام للمواطنين.

مبادرات التحالف الوطني:

رأت الدولة أهمية دور المؤسسات الأهلية، والجمعيات الخيرية، في تحقيق التكافل الاجتماعي، وتخفيف العبء على المواطنين، وخصوصًا في شهر رمضان الكريم، ولكن كان هناك بعض الاضطراب في آلية التوزيع، ولتحقيق التكافؤ بين المواطنين؛ تدخلت الدولة لعمل مبادرات للتنسيق الجهود بين جميع المؤسسات، وأطراف العمل الأهلي، والتنموي؛ للعمل تحت مظلة واحدة، بالتكامل مع جهود الحكومة، والقطاع الخاص، لتقديم الدعم اللازم للأسر الأكثر احتياجًا بجميع محافظات مصر؛ لتخفيف العبء عليهم من حدة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، ولتقديم العمل الخيري لهم.

وانطلق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي في مارس 2022 بقرار من الرئيس، وبمشاركة أكبر مؤسسات العمل الأهلي والتنموي، يضم أكثر من 30 جمعية، ومؤسسة أهلية، حيث يضم 24 جمعية، ومؤسسة أهلية، وكيان خدمي وتنموي، منهم الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، والذي يضم في عضويته 30 اتحاد نوعي، و27 اتحاد إقليمي، والتي تعمل في مختلف مجالات التنمية على تنوعها من خدمية، وصحية، وتوعوية، وتعليمية، وعمرانية، ويضم التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي عضوية أهم وأكبر الجمعيات والمؤسسات الأهلية، للعمل بشكل متنسق؛ بهدف تحقيق كفاءة التوزيع، وذلك من خلال 3 مبادرات، وهم “ستر وعافية”، و”خيرك سابق”، و”كتف في كتف”.

(-) مبادرة ستر وعافية: من أوائل المبادرات التي أطلقها التحالف الوطني؛ وتستهدف الوصول إلى الفئات الأكثر استحقاقًا، والحد من نسبة الفقر، من خلال توزيع المواد الغذائية بالمجان على الفئات الأكثر احتياجًا داخل منازلهم، فيما يعرف بحملة «طرق الأبواب»، ويوجد أيضًا قوافل طبية، تضم العديد من التخصصات؛ للكشف، والعلاج، والمتابعة، وقياس النظارات الطبية، والضغط، والسكر، وكذلك تركيب أجهزة تعويضية، وحملات توعوية.

(-) مبادرة خيرك سابق: وهي المبادرات التي أطلقها التحالف الوطني، بهدف تقديم الدعم الغذائي لـ 5 ملايين أسرة على مدار العام، من خلال توزيع الكراتين الغذائية على الأسر المُستحقة، وإعداد الوجبات الساخنة عن طريق مطاعم التحالف الموجودة على مستوى المحافظات.

(-) مبادرة كتف في كتف: آخر المبادرات التي أطلقها التحالف الوطني، وتعد أكبر حدث، وأضخم مبادرة حماية اجتماعية في تاريخ العمل الأهلي التنموي المصري، وتستهدف تعبئة وتوزيع أكثر من 4 ملايين كرتونة غذائية لتفيد ما يقرب من 25 مليون مواطن بكافة أنحاء الجمهورية خلال شهر رمضان.

جحم التوزيع 2023:

في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع سعر الدولار، الذي أثرت على أسعار الغذاء، والسلع الأساسية، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في تبرعات عامي 2022 و2023، ساهمت مؤسسات العمل الأهلي بتوفير الاحتياجات الغذائية، والتكافل الاجتماعي، فقد نلاحظ اختلاف ملحوظ في حجم التوزيع، كما يوضح الشكل رقم (1) ارتفاع حجم التوزيع في شهر رمضان الكريم إلى 6 ملايين كرتونة في عام 2023 مقابل 2.5 مليون كرتونة في عام 2022، وهي زيادة تقدر نسبتها بـ 140 %، وكان التحالف يستهدف توزيع 4 ملايين كرتونة مواد غذائية، إلا أن العدد وصل إلى 6 ملايين.

ارتفاع قيمة التوزيع للمؤسسات الأهلية، والجمعيات الخيرية، حيث بلغت ما يقرب من مليار و500 مليون في 2023، بينما بلغ قيمة التوزيع في عام 2022 حوالى 437 مليونًا وخمسمائة، ونلاحظ ارتفاع ضخم في قيمة التوزيع بين عامي 2022 و 2023.

أبرز المؤسسات:

ساهمت المؤسسات الأهلية، والجمعيات الخيرية، في تحقيق التكافل الاجتماعي، وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، حيت قامت بتوزيع كراتين رمضان بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، ومن أمثلة هذه المؤسسات:

(*) بنك الطعام المصري: والذي أطلق 20 حافلة تحتوي على كراتين مواد غذائية، توجهت إلى محافظات مختلفة، تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، لخدمة المستحقين، طبقًا للدراسات التي يجريها بنك الطعام المصري بشكل دائم، لتحديث قواعد البيانات الخاصة به؛ لضمان وصول الغذاء الصحيح إلى الفئات المستحقة، وتوزيع ما لا يقل عن مليون كرتونة طعام، بما يخدم أكثر من 4.5 مليون شخص، ويوجد فئتين من الكراتين؛ الأولى 15 كيلو بسعر 350ج، والثانية 9 كيلو بسعر 250ج، بالإضافة إلى إقامة 30 مائدة رحمان بجميع محافظات مصر، تستوعب بين 250 – 600 فرد يوميًا خلال شهر رمضان.

(*) مؤسسة صناع الخير: والتي قامت بتوزيع 100 ألف كرتونة، أي ما يعادل مليون وجبة، ويوجد فئتين من الكراتين، الأولى بسعر 250 جنيه، وتحتوى على 15 كليو من المواد الغذائية، والثانية بسعر 350 جنيهًا، وتحتوى على 20 كليو، ويوجد بها كافة السلع الأساسية، من: زيت، وسكر، وأرز، وغيرها من المنتجات الأخرى، ويتم التوزيع حسب عدد أفراد الأسرة.

(*) جمعية رسالة: وزعت 3300 كرتونة غذائية بقرى محافظات الشرقية، والفيوم، والبحيرة، والقليوبية، و400 وجبة غذائية في محافظة أسيوط، وتوفير 8 معارض للملابس، إضافة إلى كراتين رمضان، بسعر 250 جنيهًا، وتحتوى على سلع أسياسية.

شكل التوزيع 2023:

سابقًا، كانت المؤسسات تعمل بشكل فردى، ولم تكن هناك آلية للتنسيق بين جهات العمل الخيري، والربط بين المؤسسات الحكومية، وكان التوزيع يتم من خلال «المستفيد الدوار»، وهو الشخص الذى يتلقى الكراتين من مؤسسات وجهات متعددة، مما أدى إلى عدم القدرة على الوصول إلى المواطنين المستحقين، نظرًا لوجود ضعف في البيانات.

ومن خلال رصد إعلانات المؤسسات بشهر رمضان، نجد أن معظم التصوير كان بنفس المحافظات، ومناطق الصعيد، حيث تم توزيع أكبر عدد من كراتين رمضان في محافظات الصعيد، مما أدى إلى إهمال قرى أشد فقرًا، وعدم الوصول إلى كفاءه في التوزيع، واستفادة عدد أقل من المواطنين.

ولتفادي سلبيات التوزيع الفردي، الذى كان يتم في السنوات السابقة، رأت الدولة ضرورة إيجاد آلية للتنسيق بين جهات العمل الخيري، والربط بينها، ومنع ازدواجية أنشطتها،  وذلك من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي، والتنسيق الكامل بين كل المؤسسات والجهات التنفيذية للدولة، وخصوصًا في شهر رمضان.

ولتحقيق التكافل، جاءت مبادرة «كتف في كتف»، لتوزيع الكراتين على 16 محافظة، وهم “القاهرة – الجيزة –القليوبية – الغربية – المنوفية – الشرقية – الدقهلية – كفر الشيخ – البحيرة – الإسكندرية – الإسماعيلية – الفيوم – بني سويف – سوهاج – الأقصر – أسوان”؛ لتسفيد في تلك المحافظات 6 ملايين أسرة، وذلك وفقا لقاعدة بيانات مدققة، ومنقحة بين أعضاء التحالف، والتنسيق الكامل بين أعضاء وزارة التضامن الاجتماعي. لضمان استفادة أكبر عدد من المواطنين، ولتحقيق كفاءة التوزيع.

منتجات التوزيع 2023:

في السنوات السابقة كان يقتصر التوزيع في رمضان على الكراتين الغذائية، التي تحتوى على السلع الأساسية، مثل: المكرونة، والزيوت، والسكر، والأرز، وغيرها من المنتجات الأخرى، وقدمت بعض المؤسسات وجبات الإفطار والسحور، بينما في عام 2023 نشهد اختلاف، حيث لأول مرة يتم توزيع ملابس، وفوانيس، وألعاب في مبادرة «كتف في كتف»، إلى جانب توزيع أكثر من 4 ملايين كرتونة مواد غذائية، بالإضافة إلي 160 ألف وجبة، و30 ألف قطعة ملابس على الفئات الأولي بالرعاية والأكثر احتياجاً من أهالي المحافظات، بمشاركة متطوعي التحالف، بالإضافة إلى توزيع فوانيس رمضان والألعاب على الأطفال، وذلك لإدخال البهجة والسرور على الأطفال، وأسرهم في شهر رمضان الكريم.

تحقيق الرضا:

بقياس مدى الرضا العام، نجد أنه في السنوات السابقة، وخاصة عام 2022، تراجعت مؤشرات رضا المواطنين حول الأدوار التي تؤديها مؤسسات المجتمع الأهلي، وبدا ذلك في العديد من آراء المواطنين على صفحات السوشيال ميديا، ولعل مرجع ذلك التركيز على محافظات وقري وإغفال مناطق أخرى أكثر احتياجًا، وهناك من انتقد مصاريف الإعلانات المبالغ فيها في ظل وجود أزمة اقتصادية، ويبقى السؤال في عام 2023، هل تحقق مؤسسات المجتمع الأهلي الرضا تجاه الحكومة بعد تطبيق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي؟

في النهاية، فالمبادرات التي قدمها التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، جاءت وفق خطة مدروسة للحماية الاجتماعية، بهدف توصيل الدعم للأسر الأكثر احتياجا في جميع المحافظات، وهي بذلك تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتضمن كفاءه التوزيع، والوصول لأكبر عدد من المستفيدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى