خيارات محدودة: ماذا ينتظر نتنياهو في إسرائيل؟

د. وحيد سمير- خبير مشارك بالمركز
تشهد إسرائيل أكبر أزمة سياسية تواجهها الدولة العبرية منذ نشأتها بسبب انقسام داخلي حاد طال المؤسسة العسكرية وأثر على الاقتصاد الإسرائيلي والدولة بسبب “قانون الإصلاح القضائي” ، حالة من عدم الاستقرار السياسي تشهدها إسرائيل وحكومة نتنياهو وهي حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو التي تولت السلطة في أواخر ديسمبر 2022 أي منذ شهور حيث اندلعت ضد هذه الحكومة الائتلافية احتجاجات بعد أيام من توليها السلطة في إسرائيل وبالتحديد في 4يناير 2023 بعد إعلان الحكومة الجديدة عن حزمة من التشريعات تتضمن تقليص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية أعلي سلطة قضائية في إسرائيل وكذلك تتيح التشريعات الجديدة التدخل الحكومي القوي في عملية اختيار القضاة من خلال لجنة اختيار القضاة وما أن بدأت المناقشات الأولية لهذه الحزمة من التشريعات إلا واتسع حجم التظاهرات إلي أن وصلت ذروتها في الأسبوع الماضي وبالتحديد في 26 مارس مع نزول مئات الآلاف إلي الشوارع في إسرائيل والقدس المحتلة وتصاعد الإضرابات في قطاعات الصحة والطيران والمجالس البلدية والبنوك بل والمؤسسة العسكرية وقوات الاحتياط بل وإقالة وزير الدفاع الإسرائيلي بسبب معارضته للتعديلات،تزامناً مع انتقادات حادة من الإدارة الأمريكية ودول أوربية لهذه التعديلات المقترحة مما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي تأجيل هذه التعديلات، فما أسباب هذه الاحتجاجات وتطوراتها ودلالاتها ومستقبل الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو والخيارات المتاحة أمام حكومة نتنياهو، في حال الإصرار علي المضي قدماً في إقرار هذه التعديلات في ظل المعارضة الغير مسبوقة من قبل المجتمع الإسرائيلي الذي يشهد انقساماً حاداً بسبب هذه التعديلات وصل إلي حد التحذير من حرب أهلية من قبل الرئيس الإسرائيلي.
بداية الأزمة:
في 4 يناير الماضي تم تقديم مشروع خطة الإصلاح القضائي من قبل ائتلاف حكومة نتنياهو، أي بعد أيام من تنصيب الحكومة الإسرائيلية اليمينية في أواخر ديسمبر 2022. وهو ما أثار جدلاً واسعاً في إسرائيل ، فما تسميه الحكومة الإسرائيلية إصلاحات في الجهاز القضائي لصالح المسئولين المنتخبين، تصفها المعارضة بأنها محاولة للانقلاب على الديمقراطية.
وقد أعلن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين عزمه على تعديل النظام القضائي لتضمينه “استثناءً” يسمح للبرلمان بتعليق قرارات المحكمة العليا،وهو ما دفع إلي تظاهر آلاف الإسرائيليين ضد الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو في 7 يناير احتجاجا على ما وصفوه بالانقلاب على الديمقراطية واتسعت رقعة التظاهرات في تل أبيب وبئر السبع وحيفا والقدس الغربية .
في 22 يناير أقال رئيس حكومة اليمين بنيامين نتيناهو زعيم حركة شاس وزير الداخلية والصحة أرييه درعي من منصبه، تنفيذا لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي قررت أن درعي ليس أهلا لتولي حقيبة وزارية بسبب إدانته مرتين بتهمة الاحتيال على الضرائب والسرقة وهو ما صعد من المواجهة بين نتنياهو والقضاء . وفي 20 فبراير 2023، تمت المصادقة بالقراءة الأولى على مشروعي قانون أحدهما يمنح الائتلاف الحاكم الأغلبية في اللجنة الخاصة بتعيين القضاة والثاني يمنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين أساسية يسنّها الكنيست الإسرائيلي، وفي 21 فبراير 2023، صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على القسم الأول من خطة التغيير في الجهاز القضائي، بأغلبية 63 نائبا، على أن يعاد إلى لجنة الدستور لإعداده تمهيدا للتصويت عليه بالقرائتين الثانية والثالثة.
في 22 فبراير 2023، صدّقت الهيئة العامة في الكنيست الإسرائيلي بالمناقشة التمهيدية على مشروع قانون ضمن رزمة قوانين التغييرات في جهاز القضاء الإسرائيلي، ويقضي بالالتفاف على قرارات المحكمة الإسرائيلية العليا ويمكّن الكنيست من سن قوانين بأغلبية عادية من 61 عضوًا كانت قد ألغتها المحكمة العليا. ويعد هذا القانون أحد التشريعات التي تعتبرها الحركة الاحتجاجية والمعارضة “ستؤدي إلى إضعاف جهاز القضاء وتقويض المحكمة العليا”.
استمرت المظاهرات في إسرائيل أكثر من 12 أسبوعا في تل أبيب ومناطق أخرى، حتى انفجرت الأوضاع مساء الأثنين 26 مارس إذ طالب المحتجون باستقالة نتنياهو وحكومته بعد إقالة نتنياهو لوزير الدفاع يوآف غالانت يوم الأحد، وأعلنت الكثير من الجهات الإضراب علي رأسها ” هستدروت” أكبر منظمة نقابية في إسرائيل تبعها نقابة الأطباء ونقابة المحامين ومراكز التسويق الكبرى وعمال مطار “بن جوريون” ودخل على خط المواجهة شخصيات دبلوماسية وعسكرية وقطاعات حيوية مثل قطاع الصحة والمجالس البلدية ، وتزامن ذلك مع صدامات عنيفة بين الشرطة والمحتجين خاصة هؤلاء الذين حاصروا منزل رئيس الوزراء نتنياهو في القدس المحتلة بعد أن حاول المحتجون اختراق الحواجز وذلك في أكبر وأعنف احتجاجات وأزمة سياسية تشهدها إسرائيل منذ عقود.
موقف نتنياهو وحكومته الائتلافية:
كان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد أخذ موقفاً معارضاً للإصلاحات المقترحة و دعا إلى تجميد إصلاح النظام القضائي، بالنظر إلى أن المئات من جنود الاحتياط قاطعوا التدريب، كما أن أفراداً من الجيش الإسرائيلي انضموا إلى الاحتجاجات. وقال في بيان: “هذا الوضع يشكل تهديداً واضحاً حالياً وملموساً للأمن في الدولة”، وأضاف: “من أجل دولة إسرائيل، ومن أجل أبنائنا وبناتنا يجب وقف العملية القضائية” وهو ما دفع نتنياهو إلي إقالة وزير دفاعه الذي ينتمي لحزب الليكود ثم العدول عن هذه الإقالة بعد أسبوع من قرار الإقالة وذلك مع تصاعد التوترات الأمنية في الضفة الغربية والقدس
وقد أدت إقالة وزير الدفاع إلي تصاعد الأزمة واتساع رقعة التظاهرات ، وتضاعفت أعداد المتظاهرين أمام الكنيست، بعد أن قامت الشرطة بإطلاق خراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين عن منزل نتنياهو، وكانوا ينشدون كلمة “ديمقراطية”
ويبدو ان نتنياهو المعروف بحنكته وقدرته علي تقدير المواقف في تعامله مع خصومه والأزمات التي تواجهه قد خانه تقدير حجم وقوة الاحتجاجات التي أدت إلي شلل حقيقي للدولة الإسرائيلية مساء الاثنين مع تصاعد تحذيرات الدخول في حرب أهلية في حال تحرك أنصار اليمين المتطرف المناصرة لحكومة نتنياهو وهو ما دفع نتنياهو في ظل هذا المشهد غير المسبوق إلي الإعلان عن تأجيل التصويت علي التشريعات المزمعة لحين التوصل إلي مزيد من التوافق خاصة مع تصاعد الانتقادات الخارجية من قبل الولايات المتحدة والدول الأوربية الكبرى.وأعلن نتنياهو مساء الاثنين 26 مارس أنه سيؤجل التغييرات حتى وقت لاحق من هذا العام. وقال: “عندما تكون هناك إمكانية لمنع حرب أهلية من خلال الحوار ، فأنا كرئيس للوزراء ، أستقطع مهلة للحوار”. وهدأ الإعلان بعض المتظاهرين وألغت النقابات إضراباتهم، لكن ما زال من غير الواضح ما الذي سيحدث في الأسابيع المقبلة، خاصة في ظل وجود معارضة من داخل الائتلاف الحكومي لعملية التأجيل.
خيارات السلطة والمعارضة:
يبدو أن الانقسامات السياسية العنيفة في إسرائيل قد تجلت في إجراء خمس انتخابات في أربع سنوات لتظهر حالة من عدم الاستقرار السياسي تشهدها إسرائيل في السنوات الأخيرة يصاحبها انقسامات اجتماعية وأيديولوجية داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه ، وجاء الصراع حول الإصلاح القضائي ليبلور هذه الانقسامات السياسية والاجتماعية والأيديولوجية وهذه الانقسامات مستمرة،خاصة بين حكومة يمينية متطرفة أقل ليبرالية تتحالف مع الأحزاب الدينية التي ترى في تشريعات الإصلاح القضائي مطية للوصول إلي تنفيذ أجندتها الدينية التي يعطلها عمل المحاكم، وعلى الجانب الآخر معارضة ومحتجون يرون أنفسهم مناضلين من أجل الحفاظ علي ديمقراطية إسرائيل والمكتسبات الليبرالية التي ترسخت علي مدار عشرات السنين.
استخدمت المعارضة كل قوتها للتهديد بإغلاق الاقتصاد ما لم تؤخذ وجهات نظرها بعين الاعتبار، بينما هدد الجانب الآخر باستخدام أغلبيته في البرلمان لدفع أجندتهم السياسية ، وذلك في وجود مئات الآلاف في الشوارع وهو ما يعني وصول الصراع السياسي إلي أخطر مراحله بين سلطة يمينية تضم قوميين ودينيين متطرفين، ومعارضة تدفع بليبراليتها ونضالها من أجل حماية الديمقراطية الإسرائيلية التي أصبحت مهددة ليس مثل أي وقت مضي من وجهة نظرهم، يتزامن ذلك مع تصاعد أزمة الثقة بين الجانبين وتخوف المعارضة من أن تكون عملية التأجيل هي للمناورة وليس للتوافق وتحين فرصة أفضل لتمرير هذه التشريعات.
ويخشي المحتجون ومعهم المعارضة من تغييرات جذرية بسبب الإصلاح القضائي يؤدي إلي تقويض التوازن الذي يمثل وجود محكمة عليا قوية جزء هاماً من هذا التوازن في كبح جماح السلطة التنفيذية فالمعارضة تنظر إلي المحكمة العليا علي أنها تمثل مع الانتخابات أهم الضوابط الديمقراطية التي تمارس علي عمل البرلمان خاصة في غياب دستور مكتوب في إسرائيل ولكن مع الإصلاح الشامل ، يمكن للبرلمان الإسرائيلي تجاوز قرارات المحكمة بأغلبية بسيطة ، مما يمنح الحكومة سلطة كاسحة لتنفيذ سياساتها دون رقابة قضائية حقيقية.
نتنياهو وحلفاؤه يدفعون بأن الإصلاح ضروري للحد من سلطة المحاكم. خاصة وأن هذه الصيغة معمول بها في الولايات المتحدة الأمريكية، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يعيد توازن القوى بين المشرعين المنتخبين والقضاة غير المنتخبين وهم يعتقدون أن المحاكم أصبحت عدوانية بشكل متزايد وقوضت خيارات الناخبين على مدى العقود الثلاثة الماضية، ويدفعون بأمثلة من قبيل حظر المحكمة العليا لبعض المستوطنات في الضفة الغربية،رغم أن ذلك يتم بشكل متواضع للغاية.
أزمة لم تنتهي بعد:
اكتسبت المعارضة والحركة الاحتجاجية زخما لأنها توحد أجزاء مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي: الجامعات والنقابات وأثرياء وجنود الاحتياط الذين يلعبون دورًا رئيسيًا في الجيش، ويبدو أن المعارضة وقيادات الاحتجاج قد نجحت في إقناع الإسرائيليين أن هذه خطة الإصلاح القضائي تمثل تهديداً خطيراًللديمقراطية وليس العكس كما حاول نتنياهو أن يقنع المجتمع الإسرائيلي بأن خطة الإصلاح تمثل تعزيزاً للديمقراطية وليس نهاية لها، لذا يمكن القول أن حكومة نتنياهو قد هزمت في الجولة الأولي وهو جولة إقناع الإسرائيليين بالإصلاحات المزمعة.
يبدو أيضاً أن نتنياهو وائتلافه الحاكمة قد خانهم التقدير بعد الفوز في الانتخابات ديسمبر الماضي بأن المجتمع الإسرائيلي قد أصبح أكثر ميلاً ناحية اليمين وهو ما جعله يخطئ تقدير قوة وحجم الاحتجاجات، بالإضافة إلي قراره بإقالة وزير دفاعه غالانت بدلاً من أن يسمع إليه وإلي تحذيراته التي تتحدث عن أن الانقسامات قد لحقت بالمؤسسة العسكرية وهو ما يهدد كيان الدولة نفسها ، وهو ما أعطي زخماً أكبر للاحتجاجات التي تصاعد بشكل غير مسبوق عقب قرار الإقالة.
ويمكن القول أن الفوضى السياسية كسيناريو مازالت مطروحة حيث يتمتع ائتلاف نتنياهو بأغلبية ضئيلة في البرلمان ،وقد ينهار هذا الائتلاف إذا اعتقد حلفاؤه اليمينيون أن نتنياهو قد تراجع عن إقرار الإصلاح القضائي،وهو ما يعني إجراء انتخابات جديدة في ظل حالة من الانقسام السياسي والأيديولوجي غير مسبوقة وتكون بذلك الانتخابات السادسة منذ 2019 ، كما أن عودة تشريعات الإصلاح القضائي بصيغتها السابقة تعني عودة الاحتجاجات العنيفة وربما تقسيم حكومة نتنياهو مرة أخرى أي أن أي من الخيارين قد يكلف نتنياهو سلطته.
ويري بعض الكتاب مثل توماس فريدمان بأن الإصلاح الشامل بصيغته المقدمة من الحكومة سيجعل إسرائيل “أشبه بالأنظمة الاستبدادية المنتخبة” بما في ذلك المجر وتركيا، من خلال محاولة تسييس المحكمة العليا ، كما تعاطف الكثير من الكتاب الغربيين مع الاحتجاجات ووصفوها بأنها “عادلة”. وعبر البعض عن قناعاتهم بأن الإصلاح الشامل الذي اقترحته الحكومة كان “خطأ فادحًا”.
يذكر أن خطة الإصلاح القضائي قد استخدمت من قبل في المجر بشكل مماثل لما يطرحه نتنياهو، وقد أدت إلي نتائج غير ديمقراطية، فعندما فاز رئيس الوزراء فيكتور أوربان وحزبه المحافظ بالانتخابات الوطنية في عام 2011 قاموا بسلسلة من التغييرات المسموح بها قانونًا على الدستور المجري و بدأوا بتغيير عملية تعيين القضاة لمنح البرلمان المزيد من الصلاحيات في تعيين القضاة ودفع أوربان آنذاك بأن مثل هذه الإجراءات تمثل تعزيزاً للديمقراطية، وتبع هذه الاجراءات تشريعات أخري ألغت أحكام المحكمة الدستورية. كما استخدمت الحكومة الوسائل القانونية للسيطرة على مجلس الإعلام الوطني ، ولجنة الانتخابات، ومؤسسات رئيسية أخرى،وبحلول الوقت الذي ترشح فيه أوربان لإعادة انتخابه في عام 2014، كان هو وحزبه قد دمروا البيئة السياسية المناسبة لأي نوع من المعارضة النشطة وهو ما أدي إلي انتكاسات كبيرة للديمقراطية في المجر.
خيارات نتنياهو ومستقبل الائتلاف الحكومي:
يري بعض المحللين أن الانتخابات التي جاءت بنتنياهو وائتلافه منذ شهور لم تعد كافية لحماية الديمقراطية في إسرائيل وأن نسبة كبيرة من الإسرائيليين أصبح علي قناعة بذلك وهو ما دفع بمئات الآلاف منهم للنزول إلي الشوارع خوفاً من الإنزلاق نحو الاستبداد فالديمقراطية بحاجة إلي مزيد من الفصل بين السلطات ، والاستقلال القضائي، و حماية الحقوق السياسية والمدنية.
من الواضح أن نتنياهو أصبح في موقف حرج للغاية قد لا يكلفه فقط انهيار حكومته بل قد يكلفه مستقبله السياسي، فالمعارضة والمحتجون قد اختبروا قوتهم وقدرتهم علي شل الاقتصاد ومؤسسات الدولة الحيوية ولن يقبلوا أبدأ بإعادة طرح خطط نتنياهو للإصلاح القضائي بصيغتها السابقة ، وعلي الجانب الآخر قد يكلف التراجع عن هذه الخطط نتنياهو انهيار الائتلاف الحاكم بل وتصدع حزب الليكود والذي بدأت تطاله الانقسامات بعد إقالة وزير الدفاع غالانت ، ولكن نتنياهو وبعد أسبوع من الإعلان عن إقالة وزير الدفاع تراجع عن هذه الإقالة فيما اعتبره البعض مصالحة محتملة ومحاولة لرأب الصدع الذي طال الائتلاف الحكومي وحزب الليكود، خاصة وأن نتنياهو أصبح في موقف مهزوز علي المستوي الدولي مع تصاعد الانتقادات الحادة من قبل الإدارة الأمريكية والرئيس جو بايدن وقادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وقد سلطت التظاهرات الضوء علي التوتر الذي يحكم العلاقة بين نتنياهو والرئيس بايدن منذ تولي نتنياهو رئاسة الحكومة.
يتهم الكثير من المحتجين نتنياهو الذي تلاحقه تهم بالفساد بمحاولة تحصين نفسه من خلال هذه التشريعات والسعي للبقاء في الحكم حتي ولو كان ذلك علي حساب المكتسبات الديمقراطية أو علي حساب أمن واستقرار المجتمع الإسرائيلي وهو ما يجعل التوافق علي تعديل الإصلاحات المقترحة أمر صعب للغاية خاصة في ظل وجود شخصيات أكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية أمثال “إيتمار بن غفير” وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وغيره من الشخصيات الدينية المتطرفة التي تسعى إلي فرض أجندتها الدينية علي المجتمع الإسرائيلي وذلك في ظل وجود تيار قوي يؤمن بضرورة وجود مجتمع ليبرالي يحافظ علي المكتسبات الديمقراطية مع وجود جيش قوي يحمي الأمن الإسرائيلي من أي تهديد.
يمكن القول أن مهمة نتنياهو في الأسابيع المقبلة ستكون صعبة للغاية فقانون الإصلاح القضائي يرتبط بشكل كبير بالحفاظ علي التوازنات الدقيقة للتيارات الأيديولوجية داخل المجتمع الإسرائيلي، كما أن نتنياهو لا يمكنه مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية بهذه القوة كما انه لا يملك أدوات إضعافها ، في المقابل الائتلاف الحكومي يعتمد علي أغلبية ضعيفة “64 مقعد من أصل 120 في الكنيست” وهذا الائتلاف الحكومي الذي أصابه تصدعات فعلية بسبب قوة الحركة الاحتجاجية في الأيام الماضية يملك خيارات محدودة وهامش ضيق للحركة مما يجعله ائتلاف هش قابل للانهيار في أي وقت.