التوقيت المدروس: لماذا سعت القيادة المصرية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية؟

تتواصل جهود الحكومة المصرية لتنمية الثروة السمكية وتحقيق الاكتفاء المصري الذاتي من الأسماك، وكان أحدثها افتتاح الرئيس “عبد الفتاح السيسي” في الثالث والعشرين من يناير 2021، مشروع “الفيروز” للاستزراع السمكي في شرق بورسعيد ومثلث الديبة، المُقام على مساحة تقرب من 26 ألف فدان، ومزود بأحدث تقنيات الاستزراع السمكي، والذى يعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط.

وساعدت هذه الجهود في تحقيق طفرة في الإنتاج السمكى بمصر، حتى أصبحت مصر تحتل مصر المركز الأول إفريقيا والسادس عالميا فى الاستزراع السمكى، وذلك طبقًا لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة (FAO). ومن هنا نستعرض واقع الثروة السمكية في مصر، وجهود الحكومة المصرية لتنميتها، والعوائد والمكاسب المتحققة والمحتملة من هذه التنمية:

تحركات محسوبة:

تعتبر الثروة السمكية واحدة من ضمن مصادر الدخل القومى الهامة في مصر، وتتنوع مصادر الحصول عليها، ما بين البحار والتى تشمل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، والبحيرات الطبيعية (مريوط، إدكو، البرلس، المنزلة، بورفؤاد، البردويل، المرة، التمساح، قارون، الريان، ناصر، المسحطات المائية بالوادى الجديد، توشكى)، وأخيرا نهر النيل بفرعيه رشيد ودمياط والمصارف والترع.

وتشكل المزارع السمكية المصدر الأساسى للإنتاج السمكى في مصر، حيث يبلغ إجمالى إنتاج مصر السنوى من الأسماك 2 مليون طن، منها 1.6 مليون طن من الاستزراع السمكى، و0.4 مليون طن من المصايد الطبيعية بالبحيرات والبحرين الأبيض والأحمر ونهر النيل، وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتى منه 85%. وتتمثل أبرز الجهود الحكومية لتنمية الثروة السمكية، فيما يلي:

المشروع القومي لتنمية البحيرات:

أطلق الرئيس “عبد الفتاح السيسى” المشروع القومى لتطوير بحيرات مصر بتكلفة 100 مليار جنيه في مايو 2017، بهدف المحافظة عليها وتنمية الثروة السمكية بها، وذلك بعد أن عانت البحيرات في مصر من الإهمال والتلوث والتعديات لسنوات طويلة، أدت إلى جعلها ثروة مهدرة، لتبدأ بذلك أكبر عمليات تطهير وتعميق وتنقية للبحيرات المختلفة من المنزلة إلى مريوط ومن البردويل إلى قارون، بإشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركات مصرية.

وقد تم تطوير بحيرات البرلس والمنزلة، ومن البحيرات التي يجرى تطويرها حاليا: وبحيرة قارون ( تم افتتاح المرحلة الأولى من تطويرها عام 2018)، بحيرة البردويل (تم رفع كفاءة وتطوير عدد ٤ مراسي صيد بالإضافة إلى إزالة العوائق الموجودة بها بإجمالي ٣٥٠٠ طن عوائق، وتطهير البواغيز في المرحلة الأولى)، بحيرة مريوط (تم اعتماد مبلغ 78.7 مليون جنيه، لمشروع تطهير البحيرة ضمن خطة العام المالي الحالي 2020/2021).

إصدار مشروع قانون إنشاء جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية: 

بهدف تحقيق المشروع القومى الضخم بحماية بحيرات مصر، وافق مجلس الوزراء فى 29 مايو 2019، على مشروع قانون لإنشاء جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، بحيث يسمح هذا القانون بإقامة كيان مؤسسي، تشمل اختصاصاته إدارة البحيرات فى مصر، ومتابعة أعمال تطويرها وحمايتها، والتأكد من الاستفادة المثلى من هذه الثروة القومية المهمة، سواء على مستوى الإنتاج السمكي؛ بحيث يضمن إنتاج كميات كبيرة من الأسماك العالية الجودة أو على المستوى السياحى، بالإضافة إلى تنظيم استغلال مناطق الصيد، والمرابى، والمزارع السمكية بالبحيرات ومناطق الاستزراع السمكى، والعمل على صيانتها وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذها.

وقد وافقت لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب في دور الانعقاد الحالى، على مشروع القانون من حيث المبدأ، على أن تستكمل مناقشة نصوص القانون فى اجتماعاتها المقبلة فى ضوء ما سبق وانتهت اليه من قبل.

إنشاء الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية:

وهى إحدى الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وتقوم على رعاية الثروة السمكية وتطويرها والإشراف على المسطحات المائية وتوفير المنتجات السمكية للمواطنين بأقل الأسعار.

التوسع في الاستزراع السمكى:

شهدت الثروة السمكية في مصر دفعة كبيرة بإطلاق مشاريع قومية للاستزراع السمكى، منذ عام 2017، بهدف زيادة إنتاج الثروة السمكية وزيادة الصادرات منها، ومن أبرز هذه المشاريع:

مشروع “الفيروز”:

يعتبر مشروع “الفيروز”، والذى افتتحه الرئيس “عبد الفتاح السيسى في 23 يناير2021، المشروع الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، حيث يقام المشروع في منطقة شرق التفريعة، على مساحة نحو 26 ألف فدان بمواجهة 17.5 كم بمحاذاة ساحل البحر المتوسط وعمق 10 كم شرق بورسعيد، وهو مشروع متكامل يضم حوالى 5908 أحواض استزراع سمكي بطاقة انتاجية تقدر بنحو 13 ألف طن سنويا، فيما يصل حجم الحوض إلى 1.75 فدان بإجمالي مساحة 15886 فدان، وتشمل مشروعات الاستزراع السمكي ثلاثة مزارع هم: المزرعة “أ” 3521 حوض استزراع سمكي على مساحة 9500 فدان، والمزرعة “ب” 1810 حوض على مساحة 4898 فدانًا، والمزرعة “ج” 575 حوضًا على مساحة 1592 فدانًا، كما يضم المشروع مجموعة من أقفاص الاستزراع لتربية الأسماك البحرية.

وبهدف خلق مشروع متكامل مكتفيًا ذاتيا، تضمن المشروع مصنع لتجهيز وتعبئة الأسماك بطاقة إنتاجية 8 طن يوميًا، معمل للتحليل والأبحاث المعملية، و2 بحيرة للصيد الحر بمساحة 9762 فدان، ومصنع لإنتاج الثلج بطاقة 40 طن يوميًا، وصالة فرز وتعبئة، ومخازن للأعلاف، و3 محطات لرفع المياه للتغذية و3 محطات للصرف، ومنشآت إدارية وفنية ومباني للقيادة والسيطرة‘ بالإضافة إلى مجموعة من الترع والمصارف الرئيسية والفرعية لخدمة الأحواض بإجمالي أطوال 234 كيلو متر.

كما تم الانتهاء من إنشاء مزرعة سمكية بمنطقة مثلث الديبة في غرب بورسعيد على مساحة 204 فدان بطاقة 270 طن جمبرى سنويا.

ومن أجل تحقيق التوسيع الرأسى والأفقى بالمشروع، تم إنشاء اسطول للصيد الحر يضم 34 مركب جديدة تم بناؤها من خلال التعاون مع هيئة قناة السويس، وجارى استكمال وتصنيع اسطول مراكب الصيد ليصل عددها إلى 100 مركب.

وتضمن هذا المشروع تقنيات حديثة للاستزراع السمكي في مصر لأول مرة منها الاستزراع بالأقفاص السمكية والارتقاء بمستوى التصنيع السمكي في جميع المجالات، حيث يتم استخدام أحدث الانظمة العالمية المرتبطة بقاعدة بيانات معلوماتية اجهزة قياس مؤشرات البيئة بالإضافة إلى ربط نظام الادارة بجميع المزارع والمصانع والمخازن على مستوى الجمهورية لتحقيق عائد استثمارى كبير وتقليل الخطأ البشرى.

مشروع الاستزراع السمكى في بركة الغليون

يقع مشروع الاستزراع السمكى في بركة غليون، والذى افتتح الرئيس “السيسى” المرحلة الأولى منه في 18 نوفمبر 2017، بمركز مطوبس شمال محافظة كفر الشيخ، ويُعد مدينة إنتاجية متكاملة، وتضمنت المرحلة الاولى من المشروع إنشاء مزرعة سمكية على مساحة 4 آلاف فدان، تضم 1359 حوضاً للأسماك والجمبرى، ومنطقة المفرخات وإنتاج الزريعة ومنطقة بحثية، ومنطقة صناعية على مساحة 55 فداناً تضم مصنع لتجهيز وتعبئة وتغليف الأسماك بطاقة إنتاجية 100 طناً فى اليوم، ومصنع لإنتاج الأعلاف بطاقة إنتاجية 180 ألف طن سنوياً، ومصنع لإنتاج الثلج بطاقة إنتاجية 60 طن فى اليوم، ومصنع لعبوات الفوم بطاقة إنتاجية 1200 عبوة فى اليوم.

المزرعة النموذجية بالأقصر:

بدأ إنشاء المرحلة الأولى من مشروع المزرعة النموذجية للاستزراع السمكى بقرية الرزيقات بمدينة أرمنت جنوب غرب الأقصر في مطلع عام، وذلك على مساحة 4.500 متر، من خلال إنشاء 4 أحواض سمكية بتكلفة إجمالية للمشروع حوالى 7 ملايين جنيه، وتوفر المزرعة السمكية من 120 إلى 150 فرصة عمل، وتخدم عشرات القرى بأرمنت.

التوسع في الاستزراع السمكى عبر الأقفاص البحرية:

وافق مجلس الوزراء في بداية العام الحالى 2021، على طرح 21 موقع للأقفاص البحرية 9 على البحر الاحمر و12 على البحر المتوسط، وجارى الانتهاء من إجراءات الطرح.

تطوير المفرخات السمكية:

وذلك من أجل إنتاج الزريعة خاصة البحرية، بهدف منع الصيد الجائز وزيادة تنمية البحار والبحيرات.

مكاسب متعددة:

تساعد استراتيجية الحكومة المصرية في تنمية الثروة السمكية في تحقيق العديد من العوائد والمكاسب الاقتصادية والاجتماعية، والتي تتمثل فيما يلى:

1_زيادة الإنتاج السمكى:

ساهمت استراتيجية الحكومة المصرية لتنمية الثروة السمكية منذ عام 2014، في زيادة حجم الإنتاج السمكي بشكل ملحوظ على مدار السنوات الأخيرة، فقد ارتفع من 1.4 مليون طن عام 2013 إلى 1.9 مليون طن عام 2018، وذلك بمعدل نمو قدره 33.1%، وطبقا للاحصائيات المعلنة من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، بلغ إجمالى إنتاج مصر من الاسماك 2 مليون طن عام 2020.

ونتيجة التوسع في الاستزراع السمكى، أصبحت مصر في المركز السادس عالميا والأول إفريقيا في الاستزراع السمكى، والثالث عالميا في إنتاج أسماك البلطى.

المصدر: اعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

2_تعزيز عملية تطوير وتنمية سيناء: 

تعزز المشاريع السمكية المقامة بمنطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء من خلال بإنشاء مجتمعات صناعية وعمرانية جديدة بها من عملية تطوير وتنمية سيناء، فى ظل سعى الدولة لتنمية شبه جزيرة سيناء وتطهيرها من الإرهاب.

3_رفع جود الإنتاج السمكى:

حيث تركز مشاريع الاستزراع السمكى على استخدام أحدث التقنيات العالمية في الإنتاج وإنشاء مدن متكاملة، بما يساعد على إنتاج أنواع عالية الجودة من الأسماك.

4_زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالى: 

تعتبر الثورة السمكية واحدة من بين المصادر الهامة للدخل القومي، حيث يشكل نشاط الزراعة والصيد والغابات نحو 11.3% من الناتج المحلى الإجمالى للدولة، وبالتالي فإن التوسع في ناتج هذا النشاط الاقتصادى الحيوى، يساهم في زيادة الناتج المحلى الاجمالى للنشاط، والذى بلغ 438725.7 مليون جنيه في العام المالى السابق 2019/2020، وبالتالي الناتج المحلى الإجمالى للدولة.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات البنك المركزى المصرى

5_سد الفجوة بين احتياجات السوق المحلية من البروتينات وزيادة حجم الأسماك المصدرة إلى الخارج، وضمان توافر الغذاء أوقات الأزمات والحروب العالمية مثلما حدث في إغلاق اقتصادات الدول بالموجة الأولى من جائحة “كورونا:

تساهم تنمية الثروة السمكية في سد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، من خلال تغطية احتياجات السوق المحلى، وهو ما يؤدى بدوره إلى خفض الواردات المصرية من هذه السلع، وزيادة المصدر منها مع مرور الوقت وبالتالي خفض العجز في الميزان التجارى، والقدرة على مواجهة نقص الغذاء أوقات الأزمات.

ففي عام 2019، استوردت مصر نحو 325 ألف طن من الأسماك، مقابل تصدير 35 ألف طن منه، وإذا نظرنا إلى قيمة صادرات وواردات مصر من الأسماك والقشريات والرخويات واللافقاريات المائية الأخرى في العام 2019، نجد إن إجمالى صادرات مصر منها بلغ 52.6 مليون دولار، مقابل استيراد ما قيمته نحو 849.2 مليون دولار، وتشكل الأسماك المجمدة النسبة الأكبر من الواردات السمكية وهى 71.4%، وبهذا يبلغ عجز الميزان التجارى السلعى للأسماك نحو 796.6 مليون دولار.

جدول يوضح صادرات وواردات مصر من الأسماك عام 2019، ألف دولار أمريكى

 

مصدر البيانات: مركز التجارة العالمى.

6_تحقيق الاستفادة المثلى مما تمتلكه مصر من سواحل وبحار غنية وظروف مناخية ملائمة:

تساعد مشاريع الاستزراع السمكى وتطهير البحيرات على تعظيم الاستفادة مما تمتكله مصر من سواحل وبحار.

7_تحقيق الأمن الغذائى المصر:

تنعكس الزيادة في الإنتاج السمكى بشكل إيجابى على الأمن الغذائى المصرى، لاسيما فى الوقت الذى زادت فيه نسبة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائى فى مصر، فوفقًا لمؤشر انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في إجمالي عدد السكان، والذى يصدر عن منظمة الأغذية والزراعة للامم المتحدة، زاد متوسط نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الامن الغذائى المعتدل او الشديد خلال الفترة 2017-2019، ليصبح 34.2% (33.6 مليون شخص) مقارنة بـ 27.8% (25.7 مليون شخص) خلال الفترة 2014-2016.

 

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة

 

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة

8. توفير منتجات بأسعار أقل للمواطنين، وخفض معدل التضخم:    

فطبقا للنظريات الاقتصادية، تؤدى زيادة العرض من السلع إلى خفض أسعارها، بالإضافة إلى انعكاس تكاليف الإنتاج والنقل أيضًا على أسعار السلع، وبالتالي فإن زيادة الإنتاج السمكى بالداخل، يساعد على زيادة المعروض من منتجات الأسماك، والتى تعتبر إحدى مصادر البروتين للشعب المصري، وبالتالي خفض أسعارها في الأسواق، بما يوفر هذه السلع بأسعار أقل للمواطنين، وخفض معدل التضخم، حيث تشكل مجموعة الطعام الوزن النسبى الأكبر من الرقم القياسى لأسعار المستهلكين، مقارنة بباقى المجموعات الرئيسية للسلع المكونة للرقم، ويبلغ هذا الوزن النسبى نحو 34.45%.

المصدر: اعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

توفير المزيد من فرص العمل:

يعمل المشروع على توفير نحو 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في العديد من المهن والتخصصات في هذا المجال، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على معدل البطالة في مصر، حيث يعتبر نشاط الزراعة واستغلال الغابات وقطع الأشجار وصيد الاسماك، هو أعلى الأنشطة الاقتصادية المستحوذة على اكبر عدد من المشتغلين في مصر، وذلك بنسبة بلغت 19.4% من إجمالى المشتغلين في الربع الأول من العام السابق 2020.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

إجمالا، استطاعت الحكومة المصرية إثبات قدرتها على تحدى الزمن في إحداث طفرة بالثروة السمكية، وإنشاء مشاريع هي الأضخم والأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، وهم بركة غليون ومشروع الفيروز، بما يليق بمكانة مصر إفريقيا وعالميا في الإنتاج السمكى، ويعمل على تحقيق الأمن الغذائى المصرى، وزيادة الدخل القومى.

 

قمر ابو العلا

باحثة مشاركة بوحدة دراسات مصر، وباحثة دكتوراة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، شاركت في العديد من التقارير والدراسات الاقتصادية والاجتماعية في الشئون المصرية والخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى