لجنة أممية ترفض طهران.. النظام الإيراني إلي أين؟

في استجابة لمقترح قدمته الولايات المتحدة لمحاسبة النظام الإيراني على معاملته الوحشية وقمعه للنساء والفتيات خلال الاحتجاجات المتواصلة منذ مقتل الفتاة مهسا أميني، خلال احتجازها على أيدي القوى الأمنية في منتصف سبتمبر الماضي، فقد قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، الأربعاء 14 ديسمبر الجاري، طرد طهران بعد أن كانت قد بدأت للتو ولاية مدتها أربع سنوات في لجنة الأمم المتحدة المكونة من 45 عضوًا حول وضع المرأة، حيث تهدف اللجنة إلى النضال من أجل المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، وهى الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ولا يمكنها القيام بعملها إذا تم تقويضها من الداخل، ويتم اختيار الدول الأعضاء في اللجنة المعنية بحقوق المرأة في تصويت لمجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي والذي يتم انتخاب أعضائه في الجمعية العامة.

قضيّة مهسا أميني: 35 قتيلاً في مظاهرات غاضبة ورئيسي يدعو إلى 'التعامل بحزم'  | النهار

ما هي لجنة المرأة؟

تعد لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة هي المؤسسة العالمية الرئيسية للدفاع عن حقوق المرأة والقضاء على التمييز، وتعمل كهيئة فرعية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، وتم انتخاب إيران عضوًا في هذه المنظمة العام الماضي، ومدة العضوية في لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة أربع سنوات، وهذا المجلس يضم 55 عضوًا.

وحاولت روسيا في هذا الاجتماع منع التصويت وطرد إيران، الأمر الذي أوقفه غالبية أعضاء البلاد، لكن بالإضافة إلى روسيا، تحدث ممثلو الصين وفنزويلا وسوريا وباكستان ضد طرد إيران.

وكانت روسيا والصين ونيكاراغوا وكازاخستان وبوليفيا ونيجيريا وعمان وزيمبابوي هي الدول التي صوتت ضد طرد إيران، وباستثناء الولايات المتحدة والدول الغربية المتحالفة معها مثل الاتحاد الأوروبي وكندا، صوتت الأرجنتين وشيلي وكولومبيا وجواتيمالا وبيرو وبنما أيضًا لصالح طرد إيران، وكانت المكسيك وتايلاند وتونس من بين الدول التي امتنعت عن طرد إيران.

صحيفة سبق | رسميًّا.. طرد #إيران من لجنة الأمم المتحدة للمرأة

تصويت لصالح طرد إيران:

تم صياغة مشروع قرار من قبل الولايات المتحدة “لإزالة” إيران” فوراً من لجنة وضع المرأة لما تبقى من فترة” 2022 – 2026″، بعد تصويت غالبية 29 دولة لمصلحة الاقتراح الأميركي، فيما اعترضت عليه ثماني دول وامتنعت 16 دولة عن التصويت من إجمالي 54 عضواً، وذلك بسبب سياسات تتعارض مع حقوق النساء والفتيات إثر حملة طهران الوحشية على الاحتجاجات الشعبية التي أطلقت شرارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق بالعاصمة طهران.

وكذلك انتهى الكونجرس الأميركي أيضاً إلى اتفاق يُلزم إدارة الرئيس جو بايدن بتأسيس مجموعة عمل متخصصة للنظر في البرنامج النووي الإيراني، وتقدم هذه المجموعة المؤلفة من مسؤولين في الاستخبارات ووزارتي الخارجية والطاقة، تقريراً للكونجرس كل 4 أشهر، يتضمن معلومات دقيقة عن برنامج تخصيب اليورانيوم وتخزين المواد النووية والتسلح وبرنامج الصواريخ، إضافة إلى التهديدات المحدقة بالأميركيين من قبل النظام الإيراني.

حيث يلزم نص المشروع، مجموعة العمل بتقديم تقرير للكونجرس في فترة لا تتخطى 72 ساعة في حال تحقيق طهران تقدماً ملحوظاً على صعيد السلاح النووي، كما يطالب الإدارة بتقديم استراتيجية سنوية تحدد “خطة واضحة للتعاون مع الشركاء والحلفاء” لمواجهة الأنشطة النووية والصاروخية لإيران.

سفير إيران لدى الأمم المتحدة: لم نزود أيا من طرفي حرب أوكرانيا بأي سلاح

رد طهران:

فقد صرح مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، “أمير سعيد”، على إزالة بلاده من لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة، “ظاهرة خطيرة في الأمم المتحدة”، وأن قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والانتقادات التي أثيرت تستند إلى “ادعاءات لا أساس لها وملفقة”، كما رفض ممثل إيران لدى الأمم المتحدة تسمية ما يجري في البلاد بأنها “احتجاجات”، كما قال: “إن الأحداث الأخيرة في إيران لا يمكن اعتبارها أمثلة على الحق في الاحتجاج السلمي”.

وبناء عليه، ورغم تكذيب المسؤولين الإيرانيين لتلك الاحتجاجات على مستوى طهران في الثلاثة أشهر الماضية ليست ظاهرة عابرة على عكس الموجات السابقة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران على مدى السنوات الماضية، لذلك هناك إجماع من غالبية الدول على أن حكومة طهران تطبق سياسات تتعارض بشكل صارخ مع حقوق الإنسان الخاصة بالنساء والفتيات، وكذلك من خلال استخدام القوة الغاشمة ما نتج عنه وفاة متظاهرين سلميين من بينهم نساء وفتيات، لذلك:

(*) تظل المرأة لإيرانية لأكثر من قرن، فى إيران قضية سياسية وثقافية ودينية مهمة، وكانت النساء يحاولن الحفاظ على مكانتهن بجعل أصواتهن مسموعة.

(*) إن حل جهاز شرطة الأخلاق فى طهران، ليس حلاً قاطعاً للاحتجاجات، وربما لم يعد فرض الحجاب يمثل أولوية، والذي دخل حيز التنفيذ منذ عام 1983، فإنه يخشى المحتجون من أن النظام الإيراني قد يعيد تسمية شرطة الأخلاق، لإبعادها قليلاً عن الأنظار بينما تظل محافظةً على رقابتها الصارمة لتنفيذ قانون الحجاب، حيث يعي الشعب إن ما يحدث هو مجرد حيلة يمارسها النظام الإيراني لإسكات المحتجين.

(*) من المتوقع أنه في أحسن الظروف فإن تحديد قدرة تحمل النظام الإيراني على هذه الاحتجاجات الشعبية وتقدير آفاقه على المدى المتوسط أو الطويل، فإن احتمالات التغيير الفوري على المدى المتوسط إلى المدى الطويل الشعب الإيراني لا تستبعد حيث تغلب الشعب الإيراني على حاجز الخوف، والمتظاهرون يتحدثون عن الحقوق والحرية في مواجهة النظام.

(*) إن التغيير في إيران يحتاج إلى دعم رجال الدين المحترمين، فإن الجمهور في إيران لا يتخلى عن تبعية الإسلام ومعظم الإيرانيين متدينون وهناك حاجة إلى مرجعية دينية لنقل التظاهرات إلى مستوى أكثر قوة وتزويدها بالتبرير الديني، لكنه “في الوقت الحالي هذه السلطة غائبة”، وهو ما يعطل اتخاذ أي خطوات جادة في الملف الإيراني حيث أنه في الوقت الحالي لا يستطيع الأميركيون تحمل توقيع أي اتفاق مع إيران في ظل الانتهاك السافر لحقوق الإنسان،

والسؤال الوحيد ذو الصلة هو: ما إذا كان هذا سيحدث التغيير الجذري في النظام الإيراني الذي أصبح في مهب الريح بعد طرده من لجنة أممية المرأة بأغلبية ساحقة؟ وهل سيكون ذلك قبل أو بعد أن تصبح إيران علي عتبة دوله نووية؟

د.سهرة القاسم

خبير مشارك في شئون الأمن الإقليمي. حاصلة على الدكتوراه في تخصص أثر التنافس التركي الإيراني على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى