بطلان الطلاق الشفوى .. في “الطلاق يهدد أمن المجتمع”.. عرض كتاب

تعارض المؤلف عما جاء في كتب بعض الفقهاء التي يغلب عليها الفكر الذكوري، باعتبارها تحيزت كثيرًا لمصلحة الرجل، حيث أغفل هؤلاء الفقهاء الأنثى واستباحة ما أنصفها الله سبحانه في شريعته، ذلك الفقه البشري المستند للروايات الملفقة على الرسول فيما يخص الأحوال الشخصية في المجتمعات العربية والإسلامية الذي يخالف التشريع الإلهي.

 فقد تجاوز الفقهاء، وفقًا للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، الخطوط الحمراء في التشريع الإلهي، الذي أنصف المرأة، ووضع الأحكام درعا يحفظ حقوقها. لذا ظُلمت المرأة قرونًا عديدة طويلة، حين تم هجر القرآن وتشريعاته التي تعمل على تحقيق العدل للأسرة، خاصة فيما يتعلق بالطــلاق الشفوي.

ناقش المفكر، قضايا تتعلق بحقوق المرأة، خاصة فيما يخص الطلاق، عبر عن هذا خلال صفحات كتابه الذي يندرج تحت عنوان “الطلاق يهدد أمن المجتمع” تجاوزت عدد صفحات الكتاب 116 من الحجم المتوسط، حيث يحتوي الكتاب على مقدمة وحقوق المرأة في القرآن، والعلاقات الزوجية، الآثار الكارثية للطلاق الشفوي، وأحكام عامة، عقد النكاح،  موضحًا أن حقوقها تجاوزت عشرات الآيات في القرآن ومن تلك السور : (النساء، الطلاق، البقرة، المائدة، النور، المجادلة، الممتحنة، التحريم)، حيث تتضمن هذه الآيات العديد من التشريعات والأحكام وأيضًا وعظات؛ لحماية المرأة من أي تعسف في معاملاتها من قبل الزوج. والحفاظ  على حقوقها بالنسبة للرجل.

حالات الطلاق:

 يرى الشرفاء، أن الحالات الطلاق التي وقعت في الماضي نتيجة الطلاق الشفوي في حكم الباطل؛ لأنها خالفت شرع الله في حكمه بالالتزام والاتفاق بالتراضي والتشاور، عندما يقرر الزوجان، ويقول المؤلف بالنص، إن ” كل حكم بني على باطل فهو باطل ولا يعتد به”، مضيفًا أن بطلان الطلاق الشــفهي وفق التشريع الإلهي في القرآن من حق الزوجين العودة لبعضهما بغض النظر عن المدة التي انقضت بسبب افتراقهما نتيجة لبطلان الطلاق الشــفهي وأحكام المحاكم الباطلة التي لم تــراع شريعة الله في أحكامه..”.

وأوضح الشرفاء، أن الطلاق الشفوي إذا تلفظ بها الزوج لا قيمة له، معتبرًا أن ما تلفظ به الزوج بكلمة (أنت طالق) يحتســب لغوا لا يترتب عليه الطلاق نهائيًا، فإذا كان الله سبحانه وضع تشريعًا فيما يخص ذاته بقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.. [البقرة: 225]. فيجب أن لا يؤخذ باللغو، الذي يؤدي إلى تفكيك الأسرة وتشريد أطفالها. كما تبين في قول الله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)..المائدة 89 .

وتطرق المؤلف إلى القوامة في الآية 34 سورة النساء (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، مبينًا أن الرجل يتكلف بالمسؤولية الكاملــة على رعاية الزوجة وحماية الأسرة بالإنفاق والدفاع عــنها، وتأمين متطلباتها من ســكن ومأكل وملبس وتعليم وصحة، في حين تتولى الزوجة رعاية الأطفال وتربيتهم تربية سليمة وإدارة شؤون الأسرة؛ ليتحقق التكامل بينهما بقيام كل منهما بمهمة الملقاة على عاتقه. عليه، فإن إعطاء القوامة للزوج لا يعني رفع الله من شأنه دون الزوجة؛ يبين الله هذا في قوله سبحانه وتعــالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) البقرة 187، كل منهــم لباس للآخر ولا ميــزة لأحدهما. وقوله ســبحانه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، حيث تعنــي هذه الآية، أن على الزوجين التعاون معا في الحياة الزوجية على حد ســواء، فلها مثل الذي عليها من الحق المشـتـرك وهذا التماثل يعني التساوي في الحقوق والواجبات.

أوضح، أن الرجل أعطى لنفسه الحق القوة والاستعلاء، وكذلك السيطرة على الأنثى مستندين على هذه المعاملة لسوء فهمهم للتشريعات التراثية من الفقهاء الأقدمين وبتقاليد السابقين، حيث تجاوز الرجل كل التشريعات والأحكام الإلهية؛ لإرضاء نفسه وتحقيق رغباته الأنانية على حساب الأنثى، لذلك ظل فقه الأحوال الشخصية مقصورًا على الرجال، بالرغم من أن المرأة تشارك الرجل في الحياة الزوجية، إلا أنها لم تستنبط معه الأحكام من الآيات، ولم تشارك في وضع قوانين الأحوال الشخصية حتى يتحقق العدالة بين الزوجين، وحماية تلك الأسرة من التفكك الناتج عن الطلاق.

مُهدد مجتمعي:

وتطرق “الشرفاء” إلى قضية الطلاق الشفهي باعتبارها تهدد أمن المجتمع، مما يتطلب العودة لكتاب الله الذي وضع قواعد الانفصال الزوجين إذا استحالت المعايشة بينهما التي تأمر بالعدل والإحسان، كما وضعت الشريعة الاتفاق بين الزوجين على الانفصال إلزامًا ليتحقق الطلاق بشكل صحيح، مستشيرًا بقوله تعالى: ” فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا” البقرة 233، “وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” البقرة 227.  إذًا فلا يجوز أن يتم الطلاق من طرف واحد. فلا داعي أن يلجأ كليهما إلى المحاكم، بل عليهما الالتزام وتطبيق تشريعات الدين الإسلامي.

ويرى المؤلف، إنه وجب على الزوجين الاتفاق على الترتيبات الإدارية المالية، التي تضمن حياة مستقرة للأبناء، وتأمين معيشتهم والتزام كل طرف منهما بتحديد مسؤوليته في الرعاية والتربية والمحافظة على سلامة الأبناء. مستكملًا توضيحه بمسألة الطلاق، خاصة في حالة عودة الصفاء بينهما خلال فترة العدة؛ فيجب اتباع الحكم الإلهي، المتمثل في الإمساك بالمعروف بينهما كما قال الله تعالى: “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ” الآية:229 البقرة. ويتبين من خلال الآيات السالفة، أن الله فتح باب الرجعة والعودة لكليهما للآخر قبل انتهاء العدة، وذلك رحمة من المولى لاستمرار الحياة الزوجية، وهذا يعتبر تشجيع التشريع على استمرار العلاقة بينهما على أساس قول الله سبحانه وتعالى: “فأمسكوهن بمعروف”.

وتابع المؤلف: على الزوجة خلال فترة العدة –هي في حدود ثلاث حيضات- أن تبقى في بيت الزوجية ولا يخرجها الزوج منه كما قال الله عز وجل: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا”. (الطلاق.. 1) “وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”(البقرة 232). كذلك من حق الزوجة التراجع عن قرار الانصال والتصالح، وفي حالة عدم التصالح بينهما يتم الانفصال بالإحسان ويتفقان على الترتيبات المتعلقة بحقوق النفقة للزوجة وحق الأم في تأمين السكن للأبناء والصرف على متطلبات الأطفال، وكذلك من حق الزوج رؤية الأطفال متى يشاء بالاتفاق مع الأم، وذلك دون تحديد وقت معين. والحفاظ على الود بين الزوجين بعد الانفصال، وهذا ما أمرنا به الشرع الحنيف في قول الله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). وهذا له تأثير على مشاعر الأبناء حتى لا يصابون بأمراض نفسية.

وأكد الشرفاء، أنه في حالة تراجعهما عن الانفصال ورغبتهما في الطلاق، عليهما التمسك بالإحسان عند وقوع الانفصال بينهما، ولا يسترجع الزوج مما أعطى زوجته من المال وغيره، وتبقى العشرة الطيبة بينهما حتى يبقى تواصل بين الأب والأم مع أطفالهم لرؤيتهم والاطمئنان عليهم، فلا تتأثر معنويات الأطفال من انفصال الآباء. مطالبًا-المؤلف- بتشكيل لجنة من الخبراء مناصفة بالرجال والنساء من المتخصصين في القانون وخبراء الاجتماع والمثقفين وعلماء النفس، تكون مهمتهم تصحيح ميزان العدل ووضع قانون جديد للأحوال الشخصية معتمدًا على مرجعية واحدة، ألا وهو كتاب الله وآياته فقط، حتى تتخذ الدولة خطوة بأُسس سليمة للإصلاح؛ لكي تحمي الأسرة. مضيفًا أن اللجنة عليها أن تعمل بتصحيح التشريعات البشرية المعتمدة على الفقهاء السابقين والمستمدة من العادات والتقاليد التراثية، وما صاحبها من الهوى؛ لتكوين حياة مطمئنة تحث على الرحمة والمودة بين الزوجين أي تأسيسها على أساس الشريعة الإسلامية.

أوضح المؤلف، أن القرآن لن يوجد به نص يشرع لمصطلح ( الطلاق الشفهي)، الذي بتلفظه الزوج في حالة الغضب، أو في مزاج متعكر، أو أي أسباب خارجة عن إرادته، لذلك لا يؤخذ ما نطق به مأخذ الجد، أو يبنى عليه صحة وقوع الطلاق، واعتبار ذلك القرار لا قيمة له في الإطلاق، ولو كررها مئة مرة لا يقع الطلاق. إلا في حالة اتفاق مع الحكم الإلهي؛ ليكون الطلاق باتفاق الطرفين بالرضى والتشاور تنفيذًا لشريعة الله في قوله تعالى: ” فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا”. وكذلك وله: “وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم” (البقرة 22).

الآثار الكارثية الناتجة عن الطلاق الشفوي، الذي هو بمثابة كلمة تخرج في حالة غضب، تدمير الأسرة وتفرق الزوجين وتشرد الأطفال مما يضاعف معاناة الأمن في المجتمع، وعليه يقول الكاتب بالنص: ” وتقف فتاوى فقهاء الشــيطان التي ما أنزل الله بها من سلطان وراء هذا العبث في مجتمعاتنا… فتاوى التراث التي تراكمت علينا عبر القرون الماضية، مصدرها مخلفات بالية من موروث عتيــق وظالم.. روايات منقولــة انصرفت عن التشريع الإلهي في الكتاب المبين أدت بالإضرار والخلــل للبنة الأولى لكل مجتمع وهي الأسرة… تلك الروايات التي تناقلتها الألسن.. معروفة المصدر ابتعدت كثيرا عن الشريعة الإلهية التي تستهدف مصلحة الناس وأمنهم؛ لتحقق لهم حياة مســتقرة؛ لأنهم هجروا القرآن واتبعوا أعوان الشــيطان يســتدرجون الناس إلى طريق الشر والخسران”.

وأوضح، أن تبعات هذا الموروث الذى اعتمدت عليه الروايات، من دون اعتبار للتشريع الإلهي في القــرآن، فيما يخص العلاقة الزوجية، والذي جعل الطلاق الشفوي أمرًا مسلمًا به ومقدسًا، وقرارًا واجب النفاذ، وضربوا بالتشريع الإلهي عرض الحائط في تجاهــل صارخ لما وضعه الله ســبحانه في تشريعه من قواعدٍ محكمة ضبطت بتوازن وإنصاف وعدل العلاقة التعاقدين بين الزوجين، كطرفين اتخذ كل منهما قرارًا بإرادة مســتقلة لكل منهما؛ للدخــول في شراكة وفق القواعد والشروط التي وضعها التشريع الإلهي والأحــكام التي جاءت بـهـا الآيات الكريمة لتتحقق لهم الحياة المستقرة المبنية على المودة والرحمة.

ويطرح المفكر تساؤلاً ينص على: “هل التشريع الإلهي عندما وضع قاعدة الآية (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) الآية:229، يتم تفسيرها من قبل الفقهاء بمعنى أنه بمجرد أن يلفظ الرجل بكلمة ( طالق) تتطلق المرأة؟… وهل استند الفقهاء على نص صريح من القرآن؟ وعلى أي أساس وضعوا تشريعاتهم الطلاق بلفظ كلمة واحدة من الزوج يهدم أسرة بأسرها تضيع وتتفرق ويتشرد الأطفال.

ويجيب المؤلف، أن الطلاق لا يكون بسهولة كما اعتمدته المؤسسات الدينية على أساس الموروث الذي يترتب عليه تشتيت الأسرة، ويرى أنه لا يصح الطلاق إلا بعد الاتفاق بين الزوجين بالتراضي، وذلك من أجل ترتيب أوضاع الزوجة وحقوقها ومتطلبات الأطفال، كما لم يعطي الله للرجل السلطة بالطلاق من الزوجة، بل ساوى بين الاثنين في قوله تعالى: “إِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا”. (البقرة 233). موضحًا أن الشرع أعطى نفس الحق للزوجين من حيث الإرادة والرغبة لكليهــما في الانفصال والتراضي بينهما، مما يؤكد على أن التشريع الإلهي ينســف القاعدة المتبعة التقاليد البالية، بإعطاء الرجل ســيفًا مسلطا على الزوجة والأبناء بما يسمى بـ (الطلاق الشفهي) نتيجة لفتاوى المجتمع الذكوري المتحيز للرجل.

شروط الانفصال:

يذكر المفكر، أن الانفصال لا يتم بين الزوجين إلا بشروط عدة، هي:

(*) الطلاق الأول.. إمساك بمعروف: أن على الزوجين، إذا اســتحالت المعيشة بينهما، وعزما منهم على الطــلاق كما قال الله  ســبحانه: “وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”؛ فــإن عزما الزوجــان على الطلاق بالاتفاق بينهما على إنهاء العلاقة خــلال مدة العدة، وهي مهلة لكليهما ولا تخرج من بيت الزوجية تنفيذا لقول الله عز وجل : “لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا”(سورة الطلاق الآية ). فإذا عــادت الأمور إلى نصابها وتحقق الصلح بينهما، فعلى الزوج أن يمسكها بالمعروف ويعاشرها بالمودة والاحترام والالتزام بتنفيــذ التزاماته الشرعية تجاه زوجته.

(*) الطلاق الثاني.. الترسيح بإحسان: اعتمد التشريع الإلهي، على قواعد المتمثلة في حالة عدم اتفاق الطرفين على تحقيق المصالحة بينهما، حيث تبدأ مرحلة الطلقة الثانية- أي التسريح بالإحسان، واقتناع وتراضي الطرفين، وذلك يتم بعد تشاورهما على الفراق. واتفاق كليهما على تحديد مسؤولية كل منهما في كيفية التعامل مع بعضهما، خاصة فيما يتعلق بشؤون أطفالهما ويتبين هذا في الآية 233 من سورة البقرة في قول الله تعالى : “فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا”

ويري المؤلف، أنه قبل التوقيع على عقد الزواج، من الضروري أن تتولى وزارة الأوقاف إنشاء مراكــز تدريب المقبلين على الزواج في كل محافظة وتعقد ندوات يومية مدتها ست ساعات يحضرها الراغبون في من الجنسيين لتلقي الدروس الأخلاقية والتعرف على المنهج الرباني في التعامل بين الزوجين، وتدريبهم على شروط تحقيق السعادة الزوجية.  مؤكدًا على اعتماد عقد النكاح المرفق بهذه المذكرة، ولا يتم الزواج إلا بعد المصادقة على عقد النكاح بحضور الشهور أمام مكتب رعاية الأسرة، ويصدق على سلامته ثلاث أعضاء في مكتب الرعاية.

وأيضًا إصدار قانون بإنشاء مكاتب رعاية الأسرة بالمدن في كل محافظة؛ ليقدم خدماته للمواطنين، حيث تتكون تلك الهيئة من مأذون منتدب من وزارة الأوقاف، ومستشارًا قانوني منتدب من وزارة العدل، طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي منتدب من وزارة الصحة، وأخيرًا تكون تبعية المكتب الإشرافية لوزارة السكان والمجتمع، حيث تكون مهمة المكتب ما يلي: (التصديق على عقد الزواج المعتمد والمرفق بهذه المذكرة، واســتدعاء الزوجـيـن في حالة طلب أي منهـمـا الانفصال، لبحث عن الأسباب المادية والمعنوية لأي من الطرفين الذي قرر الطلاق وفق بنود العقد المرفق.

وأخيرًا، انتهي المؤلف إلى أن تكون هناك محاولة للاصطلاح بين الزوجين وإعطائهما مهلة ثلاثين يوما للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، وإذا اقتنعت هيئة المكتب بفشل محاولات الصلح وإصرار الطرفين على الانفصال. وفي حالة إقرارهما بالانفصال يقر الطرفين بالتزامه بالنفقــات المقررة في عقد النكاح الموقــع بينهما والمصدق عليه من مكتب رعاية الأسرة، والتزام الزوج باســتمرار الإنفاق والرعاية  على الأطفال. كما  تقــرر هيئة المكتب وفق العقد راتبًا شــهريا للزوجة التي تقوم على تربية الأبناء ورعايتهم والوفاء بكل متطلباتهم حتى سن الرشد.

رباب الحكيم

مسئول الاتصال والعلاقات العامة بالمركز، باحثة في برنامج الإرهاب والتطرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى