مصر والشبكة العملاقة!

عبد السلام فاروق- كاتب ومفكر مصري

الحلم أصبح حقيقة أخيراً.. فبعد أن كنا نشاهد أفلاما أجنبية تتم فيها الاستجابة السريعة والفورية لأى بلاغ عن حادث مرورى أو عارض يلم بأى مواطن. صار ما نشاهده ونستبعد حدوثه فى بلادنا التى أرهقها الروتين وأنهكتها الأساليب القديمة البالية ممكناً وفى المتناول..

وهذا هو دور الشبكة الوطنية للطوارئ التى تهدف لربط سائر عناصر الطوارئ والمرافق الحيوية، كهيئات الإسعاف والرعاية الصحية وقطاعات البترول والكهرباء وأجهزة النجدة والمرور والحماية المدنية، عن طريق مركز رئيسي وغرفة عمليات تخصصية في كل محافظة لتلقي بلاغات الطوارئ بأنواعها المختلفة من المواطنين.

هذا المركز، الذي أفتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا ، يطبق أحدث المواصفات التكنولوجية وهو يمثل مكونًا مهمًا لتعزيز منظومة الطوارئ والسلامة العامة من خلال التواصل السريع مع مختلف المحافظات من أجل ربط جميع عناصر الطوارئ والمرافق الحيوية وتلقي البلاغات بأنواعها المختلفة من المواطنين، بما يواكب أحدث النظم المتبعة عالميًا في هذا الإطار.

هذا المشروع القومى يدخل ضمن منظومة شبكة اتصالات ومعلومات حكومية موحدة تهدف لربط الجهاز الإدارى للدولة بالكامل؛ ما يؤدى لدعم قدرات تداول البيانات الحكومية على نحو آمن وسريع ومتطور، وهو الأمر الذى سيؤهل الجهاز الإدارى للارتقاء بكافة الخدمات الحكومية للمواطنين من خلال التحول الرقمى للخدمات. وكل هذا مرتبط بالقدرات الفضائية المصرية التى يوفرها القمر الصناعى المصري ( طيبة1) ..هذا المشروع يمثل جسراً ممتداً بين محافظات مصر ومؤسساتها المختلفة ليحقق حلما كان بعيد المنال وهو الربط بين مختلف أجهزة الدولة بما يضمن سرعة الاستجابة لنداءات الطوارئ فى مختلف القطاعات الحيوية التى تمس حياة المواطن اليومية.

ثمة آليات متطورة توفرها منظومة خدمات الطوارئ والسلامة العامة ، لعل أبرزها توزيع مهام لاسلكي متطور كذا نظام المؤتمرات اللاسلكية المؤمنة، بالإضافة لمنظومة المراقبة الذكية اللاسلكية، ومنظومة متلقي البلاغات المميكنة التابعة لهيئة الإسعاف،ثم منظومة القراءات الحيوية داخل مستشفيات الهيئة، ومنظومة تحديد مكان المتصل آليًا ،ومنظومة GEO للتحديد المكاني للمرافق الحيوية.

 كل تلك النظم موجهة بهدف تكامل الدوائر الصحية وكافة الجهات والمرافق الحيوية لسرعة التعامل مع الأزمات والأحداث الطارئة وسرعة السيطرة عليها واحتوائها للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية .لذلك تعتمد الغرفة على استخدام تكنولوجيا أنظمة الاتصالات فائقة التطور والتي تساعد في التعامل اللحظي مع الأزمات والطوارئ فور وقوعها وكذلك التنبؤ المستقبلي بالأزمات ومنع حدوثها أو احتوائها حال حدوثها وبما يدعم استراتيجية رقمنة الدولة ورؤية مصر 2030.

ربما نلاحظ ، في هذا السياق ، كيف أن مدن القناة: بورسعيد والإسماعيلية والسويس، شهدت عدة تطورات خاصة بالمنظومة الصحية خلال الآونة الأخيرة فى شكل خطوات ثابتة مضطردة لتحقيق نوع من التنمية الصحية الشاملة، وهذا المشروع الأخير يمثل قطعة البازل الأخيرة لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل الجديد من خلال عمليات التحول الرقمى وإنشاء غرف عمليات مركزية بمقرات الهيئة العامة للرعاية الصحية وربط ذلك كله بالشبكة القومية الموحدة وبما يضمن التواصل الفعال والفوري لتوفير الرعاية الصحية الطارئة الآمنة والحفاظ على حياة المواطنين بكفاءة عالية.

حزمة أهداف كبري:

قد يظن الظان فى البداية أن تلك الشبكة الخدمية الجديدة محدودة الأهداف وأنها مركزة حول مسألة الاستجابة لبلاغات الحوادث والطوارئ كالحرائق وحوادث الطرق. لكنك ستندهش عندما تعلم مدى اتساع مجالات الخدمة والتأثير لمثل هذا المشروع الكبير..

فالمشروع الضخم ذو عدة أهداف عظمى لعل أهمها الحفاظ علي خصوصية بيانات الدولة المصرية، وسرعة احتواء الطوارئ والكوارث والأزمات وسرعة رد الفعل ، كذا دعم تدفق الاستثمارات والقطاع السياحي، وخفض معدلات الجريمة، وتقليص زمن الاستجابة للحدث وسرعة التعامل مع الحوادث والكوارث بما يتماشى مع المعدلات العالمية.لهذا يتضمن  المشروع تجهيز غرف عمليات لعدد من الجهات المعنية لتحقيق السرعة في الاستجابة بين المركز والأطراف ، وبالتالى فإن تحقيق مثل تلك المنظومة سوف يؤدى حتمالدعم أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، كما يحقق ترشيد الأعباء المالية وتوفير الوقت والجهد على الدولة والفرد معا.

التجربة العملية التى تم تنفيذها بمدينة شرم الشيخ أوضحت أن تحقيق تكامل الدوائر الصحية داخل منظومة العمل بمستشفيات الهيئة العامة للرعاية الصحية، وغرفة الطوارئ المركزية بالهيئة، وربطها مع هيئة الإسعاف المصرية بالمحافظات، من شأنه أن يضمن تقديم الرعاية العاجلة والحرجة لمرضى الطوارئ الطبية المنقولين بسيارات الإسعاف لتوجيههم للمستشفيات الأنسب والأقرب وفقًا لحالتهم الصحية، ويحقق التنسيق الكامل مع هيئة الإسعاف؛ لمتابعة الحالات المرضية بداية من عملية الإبلاغ وحتى الوصول للمستشفى بل وأثناء عملية النقل.

حقائق وأرقام:

هذا مشروع بدأ منذ عام أو أكثر، واليوميحقق جميع أهدافه ومراميه ..

لقد تم البدء في أعمال التركيبات للمشروع منذ مارس 2021 . وفي نوفمبر الماضي تم الانتهاء من إنشاء 512 موقعا للشبكة الوطنية. واليوم انتهينا منإقامة1٩٣٦ موقعا آخر ..المسألة لم تكن سهلة والمهمة كانت صعبة لكنها تحققت..

إن المشروع القومي للشبكة الوطنية الموحدة يمثل فى حقيقته شبكة محمول لاسلكية حكومية وطنية تعمل بتكنولوجيا الجيل الرابع.ولتحقيق عنصر الأمان فإنها منفصلة عن شبكة الإنترنت وكل شبكات المحمول الأخرى. ولقدأنشئت طبقًا للمعايير العلمية وبأيد مصرية.وهى توفر خدمات الاتصال الحديثة المعنية بخدمات الطوارئ والمرافق الحيوية والربط بين الخدمات الحكومية المختلفة لتحقيق السرعة في الاستجابة بين الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة وبين غرف عمليات الجهات المعنية لخدمة المواطنين والسائحين على السواء. هكذا يصبح لها دور حيوي فى تنشيط السياحة وتثبيت دعائمها الخدمية.كما أن المشروع الجديد يعمل على إتاحة البيانات والإجراءات الحديثة مع إبراز دور التطبيقات الحديثة في دعم واتخاذ القرار.

أدوار كبري سيتكفل بها هذا المشروع .. أدوار معلوماتية وتنظيمية ورقابية وصحية وخدمية وجغرافية وتنفيذية، والأهم أنه يضم فى طياته ضمانة لكفاءته على طول المدى من خلال نظام قياسي لحساب مؤشرات الأداء وقياس الكفاءة وسرعة الاستجابة كنوع من التغذية الارتجاعية والصيانة الدورية للتأكد من تنفيذه على أكمل وجه.

abdelsalamfarouk@yahoo.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى