احتمالات واردة: كيف تتعامل إدارة بايدن مع الدول الداعمة للإرهاب؟
أسماء دياب
بعد تنصيب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، تطرح عدة تساؤلات حول سياساته المتوقعة تجاه الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة، والتي تقدم دعما عسكريا أو ماليا، أو حتى إعلاميا، لجماعات الإسلام الراديكالي المنتشرة في مناطق الصراع في كل من ليبيا وسوريا والعراق، أو حتى في الدول التي تشهد نوعا من الاستقرار.
موقف محتمل:
مع محاولات جماعة الإخوان المسلمين المستمرة، لاستعادة حضورها في المشهد السياسي بالشرق الأوسط من جديد، اتجهت للبحث عن شرعية لوجودها داخل المجتمع الأمريكى، تمنحها قوة في التعاطي مع متغيرات الوضع الجديد، بعد تغير المشهد السياسي في الولايات المتحدة بوصول الرئيس جو بايدن إلى السلطة في أمريكا، والذي تعول عليه جماعة الأخوان المسلمين- التي تمثل أكثر جماعات الإسلام الراديكالى تشددا- في دعم أحلامها في الوصول للسلطة، في ضوء ما أعلنه بايدن من دعمه للخيارات الديموقراطية في المنطقة، مما دفع جماعة الإخوان إلى زيادة بث حالة من التزمر والسخط تجاه الحكومات العربية- خاصة في مصر- عبر منصاتها الإعلامية المدعومة من قطر وتركيا،
فما هو الموقف المتوقع من إدارة بايدن تجاه الجماعات الإرهابية والدول الداعمة للإرهاب؟قد يكون من المتوقع اتباع إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، سياسة متقاربة لما اتبعه الرئيس الأسبق أوباما تجاه جماعات الإسلام الراديكالى فى المنطقة، والذي تبنى سياسة الدفع بهذه الجماعات لإعادتهم إلى المشهد السياسي في المنطقة على مراحل متتابعة، دون الاصطدام بالأنظمة العربية الرافضة لهذه السياسة فى البداية، ثم محاولة إدماجهم وصهرهم فى المعادلة السياسية فى مرحلة لاحقة، بعد أن تتم تهيئة المنطقة لتقبل هذه الجماعات من جديد.
بالتالي ستحاول الإدارة الأمريكية الجديدة، ترتيب حساباتها بشكل مغاير لما كانت عليه سياسية ترامب، والتي كانت رافضة لأي تحاور مع جماعات الإسلام الرديكالى، فمن المتوقع أن تقوم الإدراة الأمريكية الجديدة بالضغط على الأنظمة العربية لتخفيف القيود على هذه الجماعات، والدعوة إلى الإفراج عن رموزها من السجون، والتسويق الإعلامي للخيار الديموقراطي– الذي يضع جماعات الإسلام السياسي في المشهد مرة أخرى- الأمر الذي قد يدفع الإدارة الأمريكية لغض الطرف عن الدعم الإعلامي المقدم لهذه الجماعات، تماشيا مع سياساتها الجديدة
سياسات محسوبة:
أما على صعيد موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الدول الداعمة للإرهاب فى المنطقة، والتي يحتمل تقديمها دعما عسكريا للجماعات المسلحة، تشير الإرهاصات، ومن خلال قراءة تاريخ بايدن فى التعامل مع ملف الجماعات المتطرفة، إلى أن سياساته المرتقبة، قد تتجه إلى القضاء على بعض الإرهابيين الخطرين، أو الجماعات الإرهابية التي تهدد مصلح الولايات المتحدة بشكل مباشر، أو يتجه إلى الكشف عن خلايا معينة، والعمل على قطع الإمدادات والتمويل عن بعض الجماعات، وغض الطرف عن جماعات آخري وفقا للاعتبارات البرجماتية الأمريكية على الأرض، بمعنى آخر، أنه قد يدعم الجماعات التي تحارب الدول الأعداء، ويحارب الجماعات التى تهدد مصالح الحلفاء، مما يؤثر على المصالح الأمريكية بالضرورة.
وعليه؛ فإن سياسة بايدن تجاه الدول الداعمة للإرهاب، ستتحدد وفقا لمبدأ برجماتي في الأساس، ولن يحدث مواجهة للدول الداعمة للإرهاب بشكل مجرد، بل ستسير الأمور وفق مد وجزر بما يتوافق مع المصالح الأمريكية فى المنطقة، ويخدم مصالح الحلفاء.
ليبيا – كساحة اختبار:
قد يعكس موقف إدارة بايدن تجاه الدور التركي فى ليبيا، موقفا أوليا عن طبيعة السياسة الأمريكية تجاه الدول الداعمة للميلشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، فقد تتوافق المصالح الأمريكية مع الرؤية التركية، التي ترى ضرووة دعم الأعمال فى ليبيا، لوقف التمدد الروسي على الأراضى الليبية، والذي يعزز حضورها في البحر المتوسط والمنطقة، وبالتالي من المحتمل أن تستجيب الإدارة الأمريكية الجديدة لهذا الوضع، لتجنب الدخول فى صراعات خارجية، تزامنا مع محاولة ترسيخ دعائم السياسات الأمريكية الجديدة في الداخل الأميريكى أولان خاصة في ظل إنهاك جائحة كورونا لبعض المؤسسات الأمريكية.
من جانب آخر سيكون الانخراط العسكري للمليشيات المدعومة من تركيا داخل ليبيا حذرا، خوفا من ردات فعل غير مأمونة العواقب من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، وقد تتجه تركيا إلى إدماج قطر في أنشطتها داخل ليبيا بشكل ملموس، لإعطاء انطباع لدى الإدارة الأمريكية، بأن سياستها في ليبيا تحظى بدعم دول أخرى، وقد تسعى تركيا إلى تجميد الوضع على الأرض فى ليبيا، وعدم قيام الميلشيات المدعومة منها بالقيام بعمليات توسعية جديدة، والتوقف عن جلب ميلشيات جديدة للأراضي الليبية لضمان عدم معارضة إدارة بايدن لسياساته في العمق الليبي.
الموقف من قطر:
وفيما يتعلق بموقف إدارة بايدن من الدعم القطري للإرهاب، من المتوقع أن تتخذ إدارة بايدن موقفا محايدا تجاه قطر– في إطار السياسة البرجماتية الأمريكية- من الممكن أن يحدث توافقا أمريكيا وقطريا حول استمرار الدعم المقدم لجماعات الإسلام الراديكالى وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، لإعادتهم إلى المشهد السياسي في المنطقة من جديد، إذا كان ذلك يخدم السياسة الأمريكية في هذا الاتجاه، وبالتالي لن تختلف سياسات بإيدن عن أوباما كثيرا فى هذا الشأن، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف المعطيات على الأرض، الأمر الذي قد يشي بإمكانية حدوث صدام – عاجلا أو أجلا – بين إدارة بايدن والحكومات العربية فيما يتعلق بهذا الشأن.
بالنهاية يمكن القول، إن الفترة القادمة يمكن أن تشهد المنطقة تصاعدا في الأحداث، على خلفية تغير سياسات الرئيس الأمريكى الجديد في التعامل مع جماعات الإسلام الراديكالى، والدول الداعمة لها، وإن ظل هذا التغير مقرونا بإمكانية تحقيق التوازن بين الالتزامات الأمريكية الدولية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب؟، واستمرار تبني الرئيس بايدن، لنهج الحزب الديموقراطى في دعم الجماعات المعارضة، مما يعزز فرص الأخيرة في العودة إلى المشهد من جديد، بما قد ينسحب على استقرار الأوضاع فى المنطقة.