انعكاسات منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي على COP27

انطلقت فعاليات منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022 في نسخته الثانية بالعاصمة الإدارية الجديدة يوم الأربعاء 7 سبتمبر 2022، تحت رعاية وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وبحضور وزراء من الحكومة المصرية، وعدد كبير من الوزراء الأفارقة للعديد من الدول مثل جنوب أفريقيا، السودان، بوركينافاسو، نيجيريا، والكاميرون .فضلا عن حضور وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري للمنتدى مما يشير إلى أهمية قضية تغير المناخ عالميا. ويتضمن المنتدى مناقشة 20 فعالية تتنوع ما بين جلسات نقاشية وموائد مستديرة وورش عمل، بالتعاون مع شركاء التنمية والمؤسسات الدولية، وعدد من المحاور الرئيسية تدور جميعها في إطار قضية تغير المناخ وتداعياتها، كذلك تم من خلاله استعراض الجهود والتدابير الوطنية المصرية التى تتخذها مصر فى مجال التحول الأخضر والحفاظ على البيئة. كما تعقد لأول مرة في النسخة الثانية من المنتدى ثلاثة ورش عمل تدريبة، بهدف تبادل الخبرات والتجارب ومناقشة السياسات، وذلك بحضور وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري وعدد من البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية.

أهداف محسوبة:

يأتى المنتدى استكمالا لجهود مصر لاستقبال قمة المناخCOP27 فى نوفمبر 2022، حيث أنEgypt-ICF2022  يضع ثلاثة أهداف رئيسية أولها؛ محاولة دعم وتعزيز القدرات للوصول إلى خطة عمل واضحة وتمويل مناسب يمكن من خلاله السير قدما فى خطة العمل المناخى، فضلا عن جذب القطاع الخاص نحو المشروعات البيئية المناسبة سواء فى مصر أو باقى الدول الأفريقية. وثانيها، تحديد الآليات المناسبة التى يمكن من خلالها التكيف مع التغييرات المناخية والتخفيف منها. وثالثها: وضع مجموعة من الإجراءات التى من شأنها تسريع وتيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وتأتي أهمية هذه الأهداف انطلاقًا من الظروف التى يعانى منها العالم أجمع خاصة الدول النامية الأفريقية من تغيرات مناخية تضر بالظروف الاقتصادية بشكل عام، والتى تتمثل أثارها السلبية فيما يلى:-

(*) ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائى: الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد الدول النامية وخاصة الأفريقية وتمثل غالبية سبل العيش. وتشمل المخاطر الرئيسية على الزراعة فى انخفاض إنتاجية المحاصيل المرتبطة بالحرارة والجفاف وزيادة الأضرار الناجمة عن الآفات، والأمراض وتأثيرات الفيضانات على البنية التحتية الزراعية، مما يؤدي إلى آثار ضارة خطيرة على الأمن الغذائي وسبل العيش، خاصة مع زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية بنسبة 45.6٪ منذ عام 2012 وحتى عام 2020. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ترى أن سيناريوهات الاحترار قد يكون لها آثار مدمرة على إنتاج المحاصيل والأمن الغذائي.

(*) تراجع الناتج المحلى الإجمالي ونصيب الفرد منه: يمكن أن يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على النشاط الاقتصادي من خلال سلسلة من القنوات، منها القنوات الزراعية وتراجع الناتج من هذا القطاع الهام، كما تظهر أدلة الأبحاث التجريبية أنه على المدى الطويل سيكون للتغيرات المناخية آثار سلبية على رأس المال المادي والبشري (التعليم والصحة ومعدل الوفيات)، كذلك إنتاجية عنصر العمل، وكل ذلك يؤثر سلباً فى غير صالح النمو الاقتصادي. وأكدت معظم الدراسات القياسية وتنبأت بأنه يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 30٪ فيما بين الفترة (2040-2050).

(*) ارتفاع معدلات الفقر وسوء الأحوال المعيشية: يرتبط المناخ ارتباطًا وثيقًا بمعظم الصدمات التي تؤثر على الفقراء، فالكوارث الطبيعية والصدمات الصحية (الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء والنواقل والمياه)، وخسائر المحاصيل، وانعدام الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار الغذاء، جميعها عوامل تؤثر سلباً على الشرائح الأفقر من السكان بسبب ضعف مواردهم وإمكاناتهم، خاصة إذا كانوا يقطنون دول فقيرة من حيث نظم الحماية الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية. كما أنهم يفتقرون إلى الدعم الخارجي للوقاية من الصدمات المناخية والتعامل معها، وهو ما يشير إلى التأثير طويل الأمد لتغير المناخ على رأس المال البشري.

جهود مصرية:

تعد مصر من بين أكثر الدول المعرضة للتغيرات المناخية رغم أنها لا تساهم سوى بنسبة ضئيلة من الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم. وقد بادرت مصر بالالتزام بالاتفاقيات الدولية فى هذا الإطار، إذ وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ عام 1994. وبروتوكول كيوتو عام 2005، كذلك اتفاقية باريس للمناخ ضمن 194 دولة. وعملت الدولة على الاهتمام بالبعد البيئي أصبح أولوية وركيزة رئيسة فى رؤية مصر 2030. وقد نفذت الدولة المصرية استراتيجية طموحة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر المستدام، والتحول التدريجي إلى التعافى الأخضر فى إطار توجيهات رئيس الجمهورية بالتنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة فى هذا المجال. وأكدت وزارة التخطيط أن‎ مشاريع الاقتصاد الأخضر  تمثل نسبة 15% من الخطة الاستثمارية للدولة في العام الجاري 2020-2021، كما أن الحكومة تستهدف الوصول إلى نسبة 30% من ‎مشاريع الاقتصاد الأخضر خلال العام 2021-2022، على أن تصل إلى نسبة‎ مشاريع الاقتصاد الأخضر 50% بحلول عام 2024-2025. ومن أهم الجهود المصرية فى هذا الصدد:

(&) إطلاق المنصة الوطنية الاستثمارية للمشروعات الخضراء والعمل المناخى“، “نُوَفِّي” “NWFE”، وتعتبر برنامجاً وطنياً ومنهجاً إقليمياً للربط ما بين القضايا الدولية للمناخ وقضايا التنمية، مع حشد التمويل الإنمائي الميسر لحزمة من المشروعات التنموية الخضراء ذات الأولوية بقطاعات الغذاء والمياه والطاقة فى إطار استراتيجية مصر الوطنية الشاملة للمناخ 2050.

(&) مشروعات الطاقة المتجددة، حيث توجه الدولة المصرية بشأن التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، من خلال تنفيذ مشروعات تنموية كبرى في قطاع الطاقة المتجددة من كافة مصادرها (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بأسوان والعين السخنة)، وكذلك التوسع في قطاع الهيدروجين الأخضر.

(&) المدن الذكية الخضراء، وهى المدن التى تقوم على استخدام الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح وإعادة تدوير المخلفات بدلا من استخدام الكهرباء، فهى بيئة صحية نظيفة، كما أنها ستخلو من التلوث البيئي والمخلفات الصلبة لذا تعرف باسم المدن الخضراء وتحتوى على مناطق صناعية وتجارية صديقة للبيئة مثل ( العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، وشرم الشيخ استعدادا لاستقبال قمة المناخ).

(&) مشروعات النقل المستدام، وهي تلك الوسائل والحلول التي تُصنف على أنها “خضراء” لتأثيرها المنخفض على البيئة، إضافة إلى دورها في تحسين حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية. ومن جهود مصر فى هذا المجال مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالغاز الطبيعي، والتي تم إطلاقها في يناير 2021، كما تسعى مصر نحو التحول إلى مركز إقليمي لصناعة ” السيارات الكهربائية ” على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، فى ضوء مواكبة التطور التكنولوجي والاتجاهات العالمية فى صناعة السيارات الكهربائية، فضلا عن إنشاء الخط الأول من مشروع القطار الكهربائي السريع ومونوريل العاصمة الإدارية الجديدة.

وتأسيساً على ما سبق، يمكن القول بأن منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، يأتي كفرصة للترويج للفرص الاستثمارية الواعدة والمتاحة في مصر فى مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر، كذلك مشروعات البنية التحتية والرقمنة. كما أنه خطوة إيجابية لعودة مصر لطرح أهم القضايا الأفريقية على الساحة الدولية، فهناك ضرورة ملحة لتنفيذ الدول الكبرى بالتزاماتها تجاه أفريقيا، ففي عام 2009 ، تعهدت الدول الأكثر ثراءً في العالم بحشد 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان الأفريقية على التعامل مع تغير المناخ والتكيف معه، ولكن انتهى الأمر بتقديم 20 مليار دولار أو أقل ؛ وبالتالي فإن زيادة التمويل أصبح أمر ملح، وهو الأمر الذى تسعى إليه مصر جاهدة لتحقيقه لدول القارة من خلال استضافتها لقمة المناخ COP27 فى نوفمبر 2022.

د.جيهان عبد السلام

رئيس وحدة دراسات مصر -أستاذ مساعد الاقتصاد بجامعة القاهرة. -حاصلة على دكتوراه الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا. -عضو هيئة تحكيم البحوث الاقتصادية لدى المركز الجامعي لترامنست. -عضو هيئة تحكيم لدى كلية الاقتصاد والإدارة وعلوم التيسير. -عضو هيئة تحكيم لدى جامعة الشهيد لخضر. -خبير اقتصادي وكاتبة في العديد من المجلات العلمية ومراكز الدراسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى