عدم لبس الحجاب لا يبرر الجريمة
إذا كان الله سبحانه منح الناس حق اختيارهم الكفر والإيمان بمنتهى الحرية فكيف وحذر سبحانه بعدم إكراه الناس على الإيمان بالله تأكيدًا لقوله مخاطباً رسوله الأمين: (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرضِ كُلُّهُم جَميعًا أَفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ) (يونس: ٩٩)، وقول الله سبحانه: (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر) (الكهف: ٢٩)، فهل من المنطق بعد منح الله الإنسان الحرية المطلقة في اختيار دينه وعقيدته أن يؤمن أو يكفر، يأمر المرأة بالإكراه لبس الحجاب، كيف يعطي الله الحق للإنسان مطلق الحرية في الإيمان به ويكرهه بلبس الحجاب، وهل الحجاب أعظم عند الله من الإيمان به وحينما أمر الله رسوله عليه السلام في قوله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) (الأحزاب: ٥٩)، ذلك الوعظ للرسول من الله يستهدف حماية الأنثى من الاعتداء عليها والتحرش بها وما سيصيبها من أذى حفاظاً على أمنها وابعاد شر الذكور عنها رأفة بها والله يعلم غريزة الإنسان وتمكن الشيطان من نفسه وما تدفعه غريزته المنفلتة التي لم تربى في الذكور قيم الأخلاق وحرمة الاعتداء على الناس وتربيتهم على ثقافة القرآن وما يدعو إليه من تقديس حق الإنسان في الحياة وتحريم الاعتداء عليه بكل السبل وذلك أمر متروك للمرأة ولديها كل الحق في حرية الملبس وليس ذلك يعني من لايلبس الحجاب يعطي مبرراً لأي إنسان أن يتجاوز شريعة الله ويقتل بريئاً بدم بارد ضارباً بعرض الحائط أمر الله في قوله سبحانه: (وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ) (الأنعام: ١٥١)، السؤال المحير كيف تحولت جريمة قتل وهي ذنب عظيم وإزهاق روح الإنسان برغبة عاطفية جارفة دافعها غريزة شيطانية ليقتل إنساناً بريئاً ثم يحرج علينا بعض المدعين العلم يحرضون ويبررون القتل بتخلي القتيلة عن الحجاب، فمن أي كتاب شيطاني استقى علمه، ومن أي شريعة مجرمة استند إليها وكيف غاب عقله عن شريعة الله التي أساسها الحرية المطلقة للإنسان دون الاعتداء والإضرار بالناس فليلبس كما يشاء في إطار اتباع رحمة الله بألا تستدرج المرأة أهل الشر وأهل النزوات ولا علاقة للحجاب بقضية الجريمة على الإطلاق ولا يعتبر عدم لبس الحجاب مبرراً لقتل الإنسان فمن أطلق هذا المبرر فكأنما يعتدي على شريعة الله في حق القصاص من المعتدي حتى القاتل المجرم لم يتخذ الحجاب سبباً للقتل والإجرام، لقد تمادى شيوخ الدين في تشويه رسالة الإسلام التي تدعو للرحمة والعدل والإحسان والمعاملة الطيبة وتحريم العدوان بكل أشكاله المعنوي والمأدبة فمابلك بمن يعتدي على شرع الله ولماذا يقتصر توضيح أهداف رسالة الإسلام وشريعة الله التي تضمنها القرآن على نفر أسموا أنفسهم شيوخ الدين واحتكروا معرفة مقاصد الآيات وحرفوا أهدافها بعد هجروا القرآن وجعلوا الروايات تطغى على الآيات وجعلوا كلام البشر فوق كلام الله الذي إختتم رسالته في حجة الوداع حينما بلغ رسوله الناس عليه السلام في قول الله سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: ٣)، وقول الله سبحانه: ( وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ ) (الأنعام: ١١٥)، لقد أعلن الرسول عليه السلام بكلمات كالشمس واضحة دون تضليل وتبديل قبل وفاته بأن الله يبلغ الناس بأن رسالته في الكتاب المبين قد اكتملت ولا يمكن لأي مسلم بعد وفاة الرسول عليه السلام أن يؤمن بأي قول أو رواية نطقها الرسول بلسانه عن ربه كما قال سبحانه: (فَإِنَّما يَسَّرناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَومًا لُدًّا) (مريم: ٩٧)، ولذلك فعلى المسلم أن يرفض كل أقوال بشرية ورويات شيطانية افتريت على الرسول بعد وفاته بعد ما بلغ الناس باستكمال رسالته فهل يا ترى أنزل الله رسلاً آخرين على خلقه بعد ما بلغ الناس بأنه أكمل رسالته ولن ينزل جبريل مرة أخرى على عبادة وتم اعتماد القرآن من الله دستورا الهيا للبشر وخارطة طريق لحياتهم تهديهم إلى طريق الحق والعيش الكريم فى ظل الأمن والسلام والاستقرار والتمتع بنعم الله ليحيا الإنسان حياة طيبة ويحقق الله له وعده يوم القيامة بمجازاته جنات النعيم فاتقوا الله أيها المدعين بالعلم والفقه في أنفسكم اولا وفيمن تخدعونهم بافترآتكم ولم يخولكم الله أن تكونوا وكلاء عنه في الأرض، وأخشى ماأخشاه عليكم أن تكونوا وقوداً للنار يوم الحساب بما افتريتم على الله واتبعتم روايات الشياطين وأعرضتم عن آيات الذكر الحكيم وحذاراً أيها الكهنة والمدعين بالعلم والمعرفة حذاراً أن تخدعوا أنفسكم ولا ترجعون إلى الحق كتاب الله وشرعته ومنهاجه في كتاب كريم.