تعزز الثقة: انعكاسات إعادة هيكلة البنك الزراعي المصري
يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد المصري، ومصدر لتوفير فرص العمل لجزء كبير من السكان، إلى جانب كونه القطاع المنتج للسلع والمواد الغذائية ومصدر توفير المواد الخام للقطاع الصناعي. إضافة إلى مساهمته في توفير السلع التصديرية، التي تساعد في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات وتوفير النقد الأجنبي، لذلك كان له نصيب من السياسة الائتمانية للدولة، التي يرجى منها إحداث أفضل الآثار الاقتصادية والاجتماعية. ونظرا للطبيعة الخاصة بالقطاع الزراعي، قامت الدولة بإسناد مهمة تنفيذ سياسته الائتمانية المستهدفة إلى بنك متخصص، وهو البنك الزراعي المصري (بنك التنمية والائتمان الزراعي سابقاً) والذي يعد أكبر البنوك المتخصصة بمصر والشرق الأوسط فى تمويل القطاعين الزراعي والريفي، والمجالات المرتبطة بهما.
ولم يكن البنك الزراعي المصري فى معزل عن الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة لتحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” التي يتبناها الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتي أفردت مساحة كبيرة من برامجها وأهدافها لدعم وتنمية القطاع الزراعي، لإحداث نهضة زراعية حقيقية وشاملة، وتعظيم الاستفادة من القطاع الزراعي لدعم الاقتصاد القومي، وسد الفجوة الغذائية لتحقيق الأمن الغذائي.
ونظراً للدور الوطنى الذى يقوم به البنك الزراعى المصرى، فى تحقيق التنمية الزراعية والريفية بكل عناصرها، سرعان ما استجابت قيادات البنك، وبدأت كتائب العمل تشمر عن سواعدها لتنفيذ تلك التوجهات، وتحويلها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع، حيث ركزت جهود تطوير البنك الحالية على استعادة مكانة البنك الزراعي المصري كمؤسسة تمويلية تنموية والداعم الرئيسي للفلاح المصرى، من خلال العمل على استحداث برامج تمويلية ومنتجات جديدة بإجراءات مبسطة لتلبية كافة احتياجات المزارعين وسكان الريف، بما يسهم في دعم وتنمية القطاع الزراعي.
ويعمل البنك الزراعي المصري على فتح صفحة جديدة لتخفيف الأعباء المالية عن المزارعين ومساعدتهم على مواصلة العمل والإنتاج، فعلى الرغم من أهمية القطاع الزراعي وعمل ما يقرب من 40 مليون مواطن فيه، إلا أن نصيب القطاع الزراعي من القروض بشكل عام كان لا يتخطى 2% من حجم الإقراض العام، وهو ما يلفت الانتباه ويوجه بضرورة مزيد من الدعم والتمويل للقطاع الزراعى خلال الفترة القادمة، خاصة وأن المراهنات على هذا القطاع ومستقبله وأهميته لا تنتهي لكونه قطاع واعد. ولا يدخر البنك الزراعي المصري جهداً في سبيل تنمية وتطوير القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، ودعم صغار المزارعين والمربين، من خلال توفير التمويل اللازم للمشروعات والأنشطة الزراعية والإنتاجية وخلق فرص للشباب والخريجين تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعظيم مساهمة القطاع الزراعي في الناتج القومي.
واستكمالا لجهود البنك الزراعي، فقد أعلن الأستاذ علاء فاروق، رئيس البنك في بيان صادر بشهر مارس 2020، أنه تنفيذاً لتعليمات البنك المركزي المصري بضرورة تحقيق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، تم وضع خطة عاجلة تتضمن انتشار البنك في كل مدن وقرى الجمهورية من خلال إنشاء فروع جديدة وإعادة افتتاح الفروع التي انتهى من تطويرها وفقا لخطة البنك لتطوير شبكة فروعه، وذلك بهدف إتاحة خدماته المصرفية والتمويلية بأعلى معايير الجودة المصرفية وتلبية احتياجات عملائه بمختلف شرائحهم.
وقد شملت استراتيجية عمل البنك، الانتهاء من تطوير 350 فرعًا ضمن خطة تستهدف الانتهاء من تطوير نحو 650 فرعًا موزعة على كل أنحاء الجمهورية. ففي يوم الـ 17 من يناير 2022، تم افتتاح 4 فروع مطورة للبنك الزراعي بالأقصر فى مدن (العشي – الطود- إسنا- الرزيقات)، وفي الـ 30 من مارس 2022 تم افتتاح عدد 4 فروع جديدة بمحافظة قنا، منها ثلاثة فروع مطورة في مدن فرشوط ونجع حمادي والرحمانية. وفي الـ 20 من مايو تم افتتاح فرع مطور للبنك بمدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، وفي الإسكندرية، وبالتحدد في وسط المدينة تم افتتاح أحدث فروع البنك بتاريخ الأول من يونيو 2022، هذا بالإضافة إلى افتتاح عدد كبير من الفروع بمختلف المحافظات سواء الجديدة أو المطورة. ويأتي كل ذلك لتمويل الزراعة والقطاعات المرتبطة بها ( الحيواني – الداجني – السمكي – المناحل – الآلات والمعدات الزراعية – أنظمة ومعدات الري)، وتقديم الخدمات المصرفية والمالية المرتبطة ببرامج الدعم الحكومي للمزارعين والفلاحين بجانب تقديم برامج التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبرامج التمويل متناهية الصغر. وتم تطوير شكل الفرع والمنظومة التكنولوجية الحديثة وإمداده بأحدث الإجراءات والتقسيمات لتقديم أفضل خدمة للعميل لتنمية الريف المصرى وجذب عملاء جدد. كما تم توفير ما يزيد عن 1200 صراف آلي بمختلف المحافظات، وسيتم تشغيلها بأحدث الأساليب المصرفية تسهيلاً على المواطنين، وتقديم الخدمة على أعلى مستوى، بالإضافة إلى توفير نظام الحوالات وقروض المعاشات، وقروض مشروعات الري الحديث مع تطبيق نموذج الخدمة الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن نتائج الأعمال وفقا لمحفظة البنك الزراعي المصري في 31 مايو 2022، تشير إلى تطور واضح شهدته محفظة الودائع، حيث تلاحظ حدوث ارتفاعاً ملحوظا فيهاً لتصل لأكثر من 112 مليار جنيه بنهاية مايو 2022، بما يترجم ثقة العملاء في قدرة البنك على إدارة مدخراتهم وتيسير معاملاتهم وفق أحدث النظم المصرفية، كما ارتفع عدد عملاء البنك ليصل حاليا إلى نحو 2.6 مليون عميل، كما بلغ حجم محفظة القروض في 31 مايو الماضي 2022 نحو 60 مليار جنيه. ووفقاً لتصنيف المحفظة، فإن عدد الشركات التي يمولها البنك ارتفع لنحو 6987 شركة كبرى ومتوسطة وصغيرة، فيما بلغ نسبة التمويل متناهي الصغر للأفراد والشركات نحو 58 % من حجم محفظة القروض بإجمالي 453602 شركة.
ومن هذا المنطلق، نستعرض في هذا العدد من “أوراق القاهرة” نشأة البنك الزراعي المصري وطبيعة التحديات السابقة التى استطاع البنك مواجهتها فى الوقت الراهن، كما تتعرض “أوراق القاهرة” في هذا العدد إلى الاستراتيجيتة الحديثة للبنك الزراعي المصري، التي تهدف إلى مواجهة تحديات التمويل الزراعي، وبرامج التمويل الخاصة به، والمستحدثة من أجل تعزيز كفاءته، كذلك أهم انجازات البنك الزراعي، الراهنة التى تعمل لصالح دعم القطاع الزراعي والداجنى والسمكي والثروة الحيوانية، وما يترتب على ذلك من تعزيز دور تلك القطاعات لصالح الاقتصاد المصري ومعدلات نموه، ومصالح العاملين فى تلك القطاعات.
لتحميل الإصدار اضغط هنا: العدد العاشر – يونيو 2022- أوراق القاهرة- تجربة إعادة هيكلة البنك الزراعي المصري